للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن حجر: «وأقوى ما تمسك به من لم يأخذ بظاهره معارضة الأحاديث الصحيحة له، وأنها عن سماع، وهذا عن كتابة، وأنها أصح مخارج. وأقوى من ذلك: الجمع بين الحديثين بحمل الإهاب على الجلد قبل الدباغ، وأنه بعد الدباغ لا يسمى إهابًا، وإنما يسمى قربة وغير ذلك، وقد نقل ذلك عن أئمة اللغة كالنضر بن شميل، وهذه طريقة ابن شاهين، وابن عبدالبر، والبيهقي، وأبعد من جمع بينهما بحمل النهي على جلد الكلب والخنزير لكونهما لا يدبغان، وكذا من حمل النهي على باطن الجلد، والإذن على ظاهره».اهـ

الجواب عن قول الحنابلة بالنسخ:

قول الحنابلة: إن حديث عبد الله بن عكيم ناسخ لما قبله، فهذا أيضًا قول فيه ضعف:

أولًا: مبني على الحكم بتأخره، وهذا غير مقطوع به، وكونه جاء في حديث

عبد الله بن عكيم قبل وفاته بشهر أو بشهرين ليس جزمًا بالتأخير؛ لأنه قد يكون قوله «إذا دبغ الإهاب فقد طهر» قبل موته بيوم أو يومين (١).

ثانيًا: لا يصار إلى النسخ إلا عند تعذر الجمع، وهذا الجمع غير متعذر، كما سبق في حمل الإهاب على الجلد قبل الدبغ.

ثالثًا: أن القول بالنسخ إبطال لأحد الدليلين، وقد يكون الصواب خلافه، بينما الجمع يقتضي العمل بالدليلين معًا دون مناقضة بينهما.

وذهب ابن تيمية إلى أنه ناسخ لإباحة الانتفاع قبل الدبغ، وليس ناسخًا للانتفاع مطلقًا، قال ابن تيمية رحمه الله:


(١) قال ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ١٦٥): وحديث عبد الله بن عكيم وإن كان قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهر، كما جاء في الخبر، فممكن أن تكون قصة ميمونة (وسماع ابن عباس منه قوله: إيما إهاب دبغ فقد طهر) قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمعة أو دون جمعة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>