للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجعل الدباغ شرطًا لطهارة عينه، فإذا دبغ كان طاهرًا، وإذا كان طاهرًا كان الانتفاع به مباحًا، وقوله: إذا دبغ الإهاب أو إيما إهاب دبغ دليل على العموم، فلا يستثنى منه شيء حتى إهاب الكلب والخنزير.

قال ابن عبد البر: «المقصود بهذا الحديث ما لم يكن طاهرًا من الأهب، كجلود الميتات، وما لا تعمل فيه الذكاة من السباع عند من حرمها؛ لأن الطاهر لا يحتاج إلى الدباغ للتطهير، ومستحيل أن يقال في الجلد الطاهر: إنه إذا دبغ فقد طهر، وهذا يكاد علمه يكون ضرورة، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: أيما إهاب دبغ فقد طهر: نص ودليل: فالنص


= الخير مرثد بن عبد الله، قال: رأيت على بن وعلة السبئي فروًا، فمسسته، فقال: مالك تمسه؟ قد سألت عبد الله بن عباس قلت: إنا نكون بالمغرب، ومعنا البربر والمجوس، نؤتى بالكبش قد ذبحوه، ونحن لا نأكل ذبائحهم، ويأتونا بالسقاء يجعلون فيه الودك، فقال ابن عباس: قد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: دباغه طهوره.
ومن طريق أبي الخير رواه النسائي (٤٢٤٢)، وأبو عوانة في مسنده (١/ ٢١٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٤٧٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (١/ ١٧).
والحديث مداره على عبد الرحمن بن وعلة، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الدباغ لم يصح فيه شيء، وكان الإمام أحمد ومالك يريان أن الدباغ لا يطهر، وذكر ابن تيمية حجتهم في مجمع الفتاوى (٢١/ ٩١) وانتقد حديث سفيان بن عينية، عن الزهري بذكر الدباغ، وسيأتي تفصيل ذلك، ثم قال: وتكلم في ابن وعلة. اهـ
وذكر الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمة عبد الرحمن بن وعلة قوله: ذكره أحمد، فضعفه في حديث الدباغ. (٦/ ٢٦٣).
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (١٨/ ١٧): «ومما قد يسمى صحيحًا ما يصححه بعض علماء الحديث، وآخرون يخالفونهم في تصحيحه، فيقولون: هو ضعيف ليس بصحيح، مثل ألفاظ رواها مسلم في صحيحه، ونازعه في صحتها غيره من أهل العلم، إما مثله أو دونه أو فوقه، فهذا لا يجزم بصدقه إلا بدليل، مثل حديث ابن وعلة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما إهاب دبغ فقد طهر، فإن هذا مما انفرد به مسلم، عن البخاري، وقد ضعفه الإمام أحمد وغيره، وقد رواه مسلم. اهـ
وابن وعلة قد وثقه يحيى بن معين والنسائي، وقال أبو حاتم الرازي: شيخ، وقال الحافظ في التقريب: صدوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>