للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالبيت حتى حججت، قال: فاذهب بها يا عبد الرحمن، فأعمرها من التنعيم وذلك ليلة الحصبة (١).

وجابر من أكثر الناس عناية بحجة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صرح رضي الله عنه أن عائشة كانت ممن أهل بالعمرة، وأنها حاضت، وأنها قالت للرسول صلى الله عليه وسلم: حل الناس ولم أحلل، ولم أطف بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن: أي لم تحلل من عمرتها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: قد حللت من حجك وعمرتك جميعا، وأن طوافها للعمرة بعد نسكها لم يكن إلا من باب تطييب خاطرها، حيث قالت للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت. فهذا الحديث يوضح ما أجمل من الروايات الأخرى.

بقي الجواب على الروايات التي سقناها، والتي فيها: (خرجنا لا نرى إلا الحج).

• الجواب على ذلك من وجوه:

أحدها: قول عائشة رضي الله عنها: خرجنا لا نرى إلا الحج، أو قالت: لبينا بالحج. فهذا والله أعلم أنه كان منهم نية قبل أن يدخلوا في النسك خاصة أنهم كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج، وعليه فيكون معنى خرجنا لا نرى: أي لا نعتقد. كما تقول: أرى كذا: أي أعتقده وأظنه، وحين قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يهل بالحج فليهلل، ومن أحب أن يهل بالعمرة فليهلل، فأحرمت عائشة بالعمرة، خاصة أنها روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (لولا أن أهديت لأهللت بعمرة). والذي يؤيد ذلك ما سقناه من الروايات أن عائشة أحرمت بالعمرة، ولأن قولها خرجنا لا نرى إلا الحج، كونها ربطت ذلك بالخروج دليل على أن ذلك كان نية لها عند خروجها.

وقال ابن القيم: غاية من زعم أنها كانت مفردة قولها: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج. فيا لله العجب!! أيظن بالمتمتع أنه خرج لغير الحج، بل خرج


(١) صحيح مسلم (١٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>