للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وثانيًا: أن ما عدا الدم الأسود ليس بحيض.
وكل من روى قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش في الصحيحين وفي غيرهما لم يذكر أحد منهم قوله: (إن دم الحيض دم أسود يعرف) إلا محمد بن عمرو، وهو ممن لا تحتمل مخالفته، وقد رد الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة إلى عادتها، وليس إلى التمييز بين الأسود وغيره.
فروى البخاري (٣٠٦) من طريق مالك عن هشام عن عروة عن عائشة قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش يا رسول الله إني لا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق، وليس بالحيضة. فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي.
فقوله (فإذا ذهب قدرها) صريح باعتبار العادة ...
قال ابن رجب في شرح البخاري (٢/ ٥٨): «والأظهر -والله أعلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ردها إلى العادة لا إلى التمييز، لقوله: (فإذا ذهب قدرها)».اهـ
ورواه البخاري (٣٢٥): من طريق أبي أسامة عن هشام به بلفظ: (ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها).
ورواه أبو عوانة عن هشام به عند ابن حبان (١٣٥٥): (تدع الصلاة أيامها).
ورواه البخاري (٣٢٠) من طريق ابن عيينة عن هشام به بلفظ: (فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي).
ورواه البخاري (٣٣١) من طريق زهير.
ومسلم (٣٣٣) من طريق وكيع، كلاهما عن هشام به بنفس لفظ ابن عيينة، إلا أنه قال: (وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم).
وهذه الرواية علقت الحكم بإقبال الحيض وإدباره، فظاهر الحديث أنه يردها إلى التمييز، وهذا ما فهمه الحافظ ابن حجر في الفتح (١/ ٥٣٩) ح ٣٠٦ حيث قال: «والحديث دليل على أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة، تعتبر دم الحيض، وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة» إلخ كلامه رحمه الله.
والصحيح أنه محمول على ردها إلى العادة ولا تعارض بينه وبين ما سبق من الروايات وقوله: (فإذا أقبلت) يعني: وقت الحيضة وزمنها، وقوله: (وإذا أدبرت): أي أدبر وقتها جمعًا بينها وبين الروايات السابقة؛ لأن في رواية أبي حمزة عن هشام به عند ابن حبان (١٣٥٤): (فإذا أقبل الحيض فدعي الصلاة عدد أيامك التي كنت تحيضين).
ففي هذه الرواية جمع بين قوله: (فإذا أقبل الحيض) وبين قوله: (فدعي الصلاة عدد أيامك) فلو كان يقصد من إقبال المحيض وإدباره التمييز، ما قال: (فدعي الصلاة عدد أيامك). =

<<  <  ج: ص:  >  >>