(٢) مثاله: امرأة لها عادة معلومة ستة أيام، جاءها الدم فجلست عادتها، ثم تمادى بها الدم حتى جاوز خمسة عشر يومًا، فهي الآن مستحاضة .. فما حكمها؟ تنظر إلى الدم، فإن كان على صفة واحدة لم يتميز، فإننا نحكم لها بأنها طاهرة أبدًا تصلي وتصوم ويطؤها زوجها، ولو مكثت عمرها كله هكذا، وإن كان دمها يتميز بعضه أسود وبعضه أحمر، فإن رأت الدم الأسود بعد خمسة عشر يومًا من اغتسالها، فإن الدم الأسود حيض لأنه جاء بعد طهر صحيح، ولكن هل تجلس مقدار الدم الأسود فقط أو تجلس مقدار عادتها؟ فقيل: تجلس مقدار عادتها فقط، وهو الذي رجحه ابن عبدالبر. وقيل: إن استمر الدم الأسود جلست عادتها وأضافت ثلاثة أيام استظهارًا على عادتها. وقيل: إن استمر جلست خمسة عشر يومًا ثم اغتسلت، وهكذا تستمر تصلي حتى ترى دمًا مميزًا بعد طهر صحيح خمسة عشر يومًا، فإذا رأته جلست. (٣) قال الخرشي (١/ ٢٠٦): «المستحاضة إن لم تميز بين الدمين، فلا إشكال أنها على حكم الطاهر، ولو أقامت طول عمرها، وتعتد عدة المرتابة، وإن كانت تميزه فالمميز من الدم إما أن يكون قبل طهر تام -التام: ما بلغ خمسة عشر يومًا فأكثر- فلا حكم له، وإما أن يكون بعد طهر تام من يوم حكم لها بالاستحاضة فالمميز حيض بالعبادة اتفاقًا، وفي العدة على المشهور، ثم قال: والدم المميز برائحة أو لون، أو رقة أو ثخن لا بكثرة أو قلة، لأنها تابعات للأكل والشرب، والحرارة والبرودة، ومفهوم قوله: «مميز» لو لم يميز فهو استحاضة ومفهوم «بعد الطهر» أن المميز قبل طهر تام استحاضة». اهـ وقال الصاوي في الشرح الصغير (١/ ٢١٣): ومفهوم قول المصنف «(فإن ميزت بعد طهر تم) أنها إذا لم تميز فهي مستحاضة أبدًا، ويحكم عليها بأنها طاهر، ولو مكثت طول عمرها».