للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الواجب، ولا سبيل للقيام بالواجب، وفي نفس الوقت اتقاء المحرم.

وإنما رخصنا الإقدام على إسقاط الجنين دفعًا لأعظم الضررين، وجلبًا لعظمى المصلحتين.

يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره تعليقًا على آية قتل الخضر للغلام من أجل سلامة والديه: «ومنها القاعدة الكبيرة الجليلة، وهو أنه يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير، ويراعى أكبر المصلحتين، بتفويت أدناهما، فإن قتل الغلام شر، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما أعظم شرًّا منه» (١).

ويقول ابن القيم: «إذا تترس الكفار بأسرى من المسلمين بعدد المقاتلة، فإنه لا يجوز رميهم إلا أن يخشى على جيش المسلمين، وتكون مصلحة حفظ الجيش أعظم من مصلحة حفظ الأسرى، فحينئذٍ يكون رمي الأسرى، ويكون من باب دفع المفسدتين باحتمال أدناهما، فلو انعكس الأمر، وكانت مصلحة الأسرى أعظم من رميهم لم يجز رميهم. فهذا الباب مبني على دفع أعظم المفسدتين بأدناهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، فإن فرض الشك، وتساوى الأمران لم يجز رمي الأسرى» (٢).

ويقول العز بن عبد السلام: «وإذا تساوت المصالح مع تعذر الجمع تخيرنا في التقديم والتأخير، للتنازع بين المتساويين، ولذلك أمثلة:

أحدهما: إذا رأينا صائلًا يصول على نفسين من المسلمين متساويين، وعجز عن دفعه عنهما، فإنا نتخير.

والمثال الثاني: لو رأينا من يصول على بضعين متساويين، وعجزنا عن الدفع عنهما، فإنا نتخير (٣).


(١) تيسير الكريم الرحمن (٥/ ٧٠، ٧١).
(٢) مفتاح دار السعادة (٢/ ٤٠٣).
(٣) قواعد الأحكام (١/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>