(٢) وهذا التقدير موافق تقريبًا ما ذكره ابن القيم قال في التبيان (ص: ٣٣٦)، ونقله الحافظ في الفتح ببعض التصرف كعادته (١١/ ٥٨٨) ح ٦٥٩٤، قال ابن القيم: «اقتضت حكمة الخلاق العليم سبحانه وتعالى أن جعل داخل الرحم خشنًا كالإسفنج .. وجعل فيه طلبًا للمني وقبولًا له كطلب الأرض الشديدة العطش للماء، وقبولها له، فجعله طالبًا حافظًا، مشتاقًا إليه بالعطش، فلذلك إذا ظفر به، ضمه، ولم يضيعه، بل يشتمل عليه أتم الاشتمال، وينضم أعظم انضمام، لئلا يفسده الهواء، فيتولى القوة والحرارة التي هناك بإذن الله ملك الرحم، فإذا اشتمل على المني، ولم يقذف به إلى خارج، استدار على نفسه وصار كالكرة في الشدة إلى تمام ستة أيام (وقد ذكرت فيما سبق عن الأطباء أن نطفة الأمشاج تبقى ستة أيام قبل أن تتحول إلى علقة) فإذا اشتد نقط نقطة في الوسط، وهو موضع القلب، ونقطة في أعلاه وهي نقطة الدماغ، وفي اليمين: وهي نقطة الكبد. ثم تتباعد تلك النقط، ويظهر بينها خطوط حمر، إلى تمام ثلاثة أيام أخر، ثم تنفذ الدموية في الجميع بعد ستة أيام أخر، فيصير ذلك خمسة عشر يومًا، ويصير المجموع سبعة وعشرين يومًا، ثم ينفصل الرأس عن المنكبين، والأطراف عن الضلوع، والبطن عن الجنبين، وذلك في تسعة أيام، فتصير ستة وثلاثين يومًا، ثم يتم هذا التمييز بحيث يظهر للحس ظهورًا بينًا في تمام أربعة أيام، فيصير المجموع أربعين يومًا تجمع خلقه، وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا)، واكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الإجمال عن التفصيل، وهذا يقتضي أن الله قد جمع فيها خلقًا جمعًا خفيًا، وذلك الخلق في ظهور خفي على التدريج» اهـ.