وهذا من أقوى أدلة القائلين بعدم التحديد. إلا أننا نسألهم، إذا استمر الدم واتصل مع المرأة هل تقولون بأنه دم نفاس.
الجواب: لا يمكن أن يقولوا بأنه دم نفاس حتى ولو مكث ما مكث. فإذا لا بد أن يقولوا في يوم من الأيام إن الدم دم فساد، وحينئذ نسألهم. متى تقطعون بأنه دم فساد، فإن قالوا بعد السبعين أو الثمانين. قلنا: هذا هو القول بالتحديد. وإن قالوا: ممكن أن نحكم بأنه دم فساد مع امرأة بعد السبعين، وأخرى بعد الثمانين، متى ما تيقنا أن الدم يعتبر متصلًا، فالجواب أن هذا تناقض واضطراب، إذ كيف تجعلونه مع امرأة إلى السبعين ومع أخرى إلى الثمانين. والله أعلم.
رأي الطب في أكثر النفاس.
يقول بعض الأطباء: «يعرف الفقهاء النفاس تعريفًا يختلف إلى حد ما عن تعريف الأطباء .. فالأطباء يركزون على حالة الرحم وعودته إلى حالته الطبيعية بينما يحرص الفقهاء على ربط النفاس بدم النفاس وإفرازاته .. وكلاهما مرتبط بالآخر إلى حد ما، ولكنهما ليسا شيئًا واحدًا.
وسبب الخلاف أن الطب ينظر إلى الناحية الصحية والفسيولوجية لجهاز المرأة التناسلي، وللرحم على وجه الخصوص؛ إذ إن ذلك متعلق بصحة المرأة وجهازها التناسلي بصورة خاصة .. وعودة الرحم إلى حالته الطبيعية هي العلامة الهامة والمؤشر الوحيد على عودة النفساء إلى حالتها المعتادة .. وأنها قد تجاوزت تمامًا مرحلة الخطر، ومرحلة إصابتها بحمى النفاس أو النزيف الذي يعقب الولادة أحيانًا .. أو سقوط الرحم، أو غيرها من الأمراض التي تعتري النفساء .. بينما اهتمام الفقيه بالدم والإفرازات التي تمنع الصلاة والصيام ومس المصحف، والمباشرة، فلا بد إذن من نوع اختلاف بين الطب والفقه في هذه النقطة.