للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ميولهم عن آبائهم واعتقادهم. وذلك ما فطرهم الله عليه مما لا بد من مصيرهم إليه، فقد يفطر على الكفر وقد يفطر على الإيمان (١).

وقيل: الفطرة هي السنة (٢).

وقيل: الفطرة، هي الإسلام.

قال ابن عبد البر: وهو المعروف عند عامة السلف من أهل العلم بالتأويل قد أجمعوا في قول الله عز وجل: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) [الروم: ٣٠]، على أن قالوا فطرة الله دين الله الإسلام، واحتجوا بقول أبي هريرة: اقرءوا إن شئتم: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا). وذكروا عن عكرمة ومجاهد والحسن وإبراهيم والضحاك وقتادة في قوله عز وجل: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) قالوا: دين الله الإسلام. (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) قالوا: لدين الله (٣).

وقيل: الفطرة، الميثاق والعهد المأخوذ على ذرية آدم قبل أن يخرجوا إلى الدنيا يوم استخرج ذرية آدم من ظهره، فخاطبهم (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) [الأعراف: ١٧٢]، فأقروا له جميعًا بالربوبية عن معرفة منهم، ثم أخرجهم من أصلاب آبائهم مخلوقين مطبوعين على تلك المعرفة، وذلك الإقرار. قالوا: وليست تلك المعرفة بإيمان، ولا ذلك الإقرار بإيمان، ولكنه إقرار منهم للرب، فطرة ألزمها قلوبهم، ثم أرسل إليهم الرسل، فدعوهم إلى الاعتراف له بالربوبية، فمنهم من أنكر بعد المعرفة؛ لأنه لم يكن الله عز وجل ليدعو خلقه إلى الإيمان به، وهو لم يعرفهم نفسه (٤).

فتلخص من هذا أن الخلاف في الفطرة على النحو التالي:

قيل: الفطرة: الخلقة، والسلامة، والتهيؤ للقبول.


(١) المنتقى شرح الموطأ (٢/ ٣٣)، فتاوى السبكي (٢/ ٣٦١)، طرح التثريب (٧/ ٢٢٦).
(٢) المجموع (١/ ٣٣٨)، نيل الأوطار (٢/ ٣١٠).
(٣) انظر التمهيد (١٨/ ٧٢).
(٤) طرح التثريب (٧/ ٢٢٧، ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>