قال الحافظ في المطالب العالية (١) إسناده حسن، فإن الحماني لم ينفرد به. والحق أن إسناده ضعيف، والحماني وإن توبع، فإن ضعفه يبقى؛ لأن جرح الحماني لم يرتفع بالمتابعة؛ لأنه مجروح بسرقة الحديث، فقد يكون هذا الحديث سرقه من غيره، ومن جهة أخرى فلو فرضنا أن الحديث قد سمعه الحماني يبقى فيه علة أخرى، وهو ضعف شيخه شريك، وقد تفرد به. وقول الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ٢١٤) رجاله ثقات بعد أن عزاه للبزار وأبي يعلى والطبراني في الأوسط فيه نظر للعلة نفسها، فإن شريكًا قد تفرد عندهم بهذا الحديث. وقد رواه شريك كما سبق من مسند أبي سعيد وشك فيه، فتارة يجزم به عنه، وتارة يشك فيه عن أبي سعيد أو جابر، وتارة يجزم به عن جابر، وهنا جعله من مسند عائشة، وهذا التخليط إنما جاء من قبل سوء حفظه رحمه الله، فلا يقبل ما تفرد به والله أعلم. ورواه أحمد من طريق آخر بسند صحيح إلا أنه موقوف على عائشة، قال أحمد (٦/ ١٧٢) ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن يزيد الرشك، عن معاذة، قالت: سألت عائشة عن الغسل من الجنابة فقالت: إن الماء لا ينجسه شيء، قد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، يبدأ فيغسل يديه. فالموقوف الصحيح عن عائشة يصح الاعتبار به لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. الشاهد الثالث: حديث ابن عباس. ما رواه أحمد (١/ ٢٣٥) قال: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماء لا ينجسه شيء. وهذا الحديث مداره على سماك بن حرب، عن عكرمة. وله علتان: أحدهما: رواية سماك عن عكرمة، وفيها اضطراب. قال علي بن المديني: رواية سماك عن عكرمة مضطربة. تهذيب الكمال (١٢/ ١١٥). وقال أبو داود في مسائله لأحمد (ص: ٤٤٠) رقم ٢٠١٦: سمعت أحمد قال: قال شريك: كانوا يلقنون سماكًا أحاديثه عن عكرمة، يلقنونه عن ابن عباس، فيقول: عن ابن عباس. اهـ قال النسائي: كان ربما لقن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة؛ لأنه كان يلقن فيتلقن تهذيب التهذيب (٤/ ٢٠٤). وقال العجلي: سماك بن حرب البكري كوفي تابعي جائز الحديث، وكان له علم بالشعر، وأيام الناس، وكان فصيحًا إلا أنه كان في حديث عكرمة ربما وصل الشيء عن ابن عباس، وربما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان عكرمة يحدث عن ابن عباس، وكان سفيان الثوري يضعفه بعض الضعف، وكان جائز الحديث، لم يترك حديثه أحد، ولم يرغب عنه أحد. معرفة الثقات (١/ ٤٣٦). =