للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأصحاب من أمثالكم.

موقف آخر يكشف لك مقدار العدل عندهم.

طار بعض الإخوة بما قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: «والمختار ترك اللحية على حالها، وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلًا» (١).

فحملوا عبارة النووي ما لا تحتمل، وأن النووي يرى التحريم جزمًا لقوله: والمختار ترك اللحية على حالها. وهذا النص لا يدل على تحريم الأخذ؛ لأن المجمل من كلام النووي يحمل على المفسر الواضح، وقد قال في المجموع: «والصحيح كراهة الأخذ منها مطلقًا» (٢).

هذا من جهة ومن جهة أخرى، هل أصحابنا هؤلاء أعلم من أصحاب الشافعية وقد نقلوا عن النووي والرافعي كراهة حلق اللحية، وليس تحريم الأخذ منها؟

جاء في إعانة الطالبين: «قال الشيخان: يكره حلق اللحية .... والمعتمد عند الغزالي وشيخ الإسلام وابن حجر في التحفة، والرملي، والخطيب، وغيرهم الكراهة» (٣).

وفي حاشية الشرواني: «قال الشيخان: يكره حلق اللحية» (٤).

وإذا كان هذا رأي النووي والرافعي في حلق اللحية، كيف يرى تحريم الأخذ منها، وكيف تدل عبارته: «والمختار تركها على حالها». أنه يقصد بذلك التحريم، هل حملكم على هذا التفسير الجهل، أو الهوى؟ وكلاهما قبيح بالمرء، خاصة إذا أخذ يضلل مخالفيه، ويرميهم بأشنع التهم.

* * *


(١) شح النووي على صحيح مسلم (٣/ ١٥١).
(٢) المجموع (١/ ٣٤٤).
(٣) إعانة الطالبين (٢/ ٣٨٦).
(٤) حاشية الشرواني (٢/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>