للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد حاولت قدر الإمكان عرض أدلة الفريقين بكل حياد؛ لأن نصوص المعرفة


= والوسمة. وسبق لنا معنى الوسمة أنها الصبغ بالسواد.
والخلاف بين أصحاب أبي حنيفة دائر بين الجواز، وبين الكراهة كراهة تنزيه فقط. فأبو يوسف ومحمد بن الحسن على الجواز، وصححه ابن عابدين، وهو ظاهر عبارة الإمام في وصفه الصبغ بالوسمة أنه حسن.
وقال مالك عن الصبغ بالأسود: لم أسمع فيه شيئًا معلومًا، وغيره ذلك من الصبغ أحب إلي.
وقال في حاشية العدوي (٢/ ٤٤٥): «ويكره صباغ الشعر الأبيض وما في معناه من الشقرة بالسواد من غير تحريم.
وقول مالك: وغيره من الصبغ أحب إلي علله الباجي بقوله: لأنه صبغ لم يصبغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهم أصحابه من هذه اللفظة كراهة التنزيه، واللفظة لا تقتضيه؛ لأن الكراهة حكم شرعي، وما دام لم يسمع فيه شيئًا فينبغي أن تفسر أن غيره من الصبغ مستحب، وأما هو فلم يصل إلى درجة الاستحباب، وذلك لأنه لم يسمع فيه شيئًا.
وبدليل أن أشهب روى عنه في العتبية: ما علمت أن فيه النهي، وإذا كان لم يعلم فيه نهيًا كيف يكون مكروهًا في المذهب، والله أعلم.
وقال في الفواكه الدواني (٢/ ٣٠٧): «ويكره صباغ الشعر بالسواد من غير تحريم».
وقال في الرسالة: ويكره صبغ الشعر بالسواد من غير تحريم، انظر أسهل المدارك (٣/ ٣٦٤). وإذا نص على أنه من غير تحريم، كيف تحمل الكراهة عند أصحاب مالك على كراهة التحريم.
وقال ابن مفلح في الفروع (١/ ١٣١): «ويكره بسواد، وفاقًا للأئمة، نص عليه، وفي المستوعب والتلخيص والغنية في غير حرب، ولا يحرم»: أي أن هذه الكتب الثلاثة نصت على أنه لا يحرم، ولذلك قال في الإنصاف: وقال في المستوعب والغنية والتلخيص: يكره بسواد في غير حرب، ولا يحرم». انظر الإنصاف (١/ ١٢٣).
وقال في الآداب الشرعية (٣/ ٣٣٧): ويكره بالسواد نص عليه، ثم قال: ويحرم بالسواد على الأصح عند الشافعية. فهنا فرق بين المكروه في مذهب الحنابلة وبين الحرام في مذهب الشافعية.
وقال أيضًا: والكراهة في كلام أحمد هل هي للتحريم أو التنزيه؟ على وجهين.
يقصد أن لفظ الكراهة إذا جاء عند أحمد فأصحابه مختلفون في تفسيرها على وجهين.
وقال في مطالب أولي النهى (١/ ٨٩): وكره تغيير الشيب بسواد في غير حرب، وحرم لتدليس. وقال مثله في كشاف القناع (١/ ٧٧).
فهنا واضح أن الكراهة كراهة تنزيه لاختلاف الحكم بين فعله من غير تدليس فيكره، أو يفعل للتدليس فيحرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>