للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم كان بعده ابنه أبو بكر وابن المغلس، وعدة من تلامذة داود، وعلى أكتافهم مثل ابن سريج شيخ الشافعية، وأبي بكر الخلال شيخ الحنبلية، وأبي الحسن الكرخي شيخ الحنفية، وكان أبو جعفر الطحاوي بمصر. بل كانوا يتجالسون ويتناظرون ويبرز كل منهم بحججه، ولا يسعون بالداودية إلى السلطان. بل أبلغ من ذلك ينصبون معهم الخلاف في تصانيفهم قديمًا وحديثًا، وبكل حال فلهم أشياء أحسنوا فيها، ولهم مسائل مستهجنة يشغب عليهم بها، وإلى ذلك يشير الإمام أبو عمرو بن الصلاح، حيث يقول: الذي اختاره الأستاذ أبو منصور، وذكر أنه الصحيح من المذهب أنه يعتبر خلاف داود، ثم قال ابن الصلاح: وهذا الذي استقر عليه الأمر آخرًا، كما هو الأغلب الأعرف من صفو الأئمة المتاخرين الذين أوردوا مذهب داود في مصنفاتهم المشهورة، كالشيخ أبي حامد الاسفراييني، والماوردي، والقاضي أبي الطيب فلولا اعتدادهم به لما ذكروا مذهبه في مصنفاتهم المشهورة.

قال: وأرى أن يعتبر قوله إلا فيما خالف فيه القياس الجلي، وما أجمع عليه القياسيون من أنواعه، أو بناه على أصوله التي قام الدليل القاطع على بطلانها، فاتفاق من سواه إجماع منعقد، كقوله في التغوط في الماء الراكد وتلك المسائل الشنيعة، وقوله: لا ربا إلا في الستة المنصوص عليها، فخلافه في هذا أو نحوه غير معتد به؛ لأنه مبني على ما يقطع ببطلانه.

قلت - القائل الذهبي -: لا ريب أن كل مسالة انفرد بها، وقطع ببطلان قوله فيها، فإنها هدر، وإنما نحكيها للتعجب، وكل مسألة له عضدها نص، وسبقه إليها صاحب، أو تابع فهي من مسائل الخلاف فلا تهدر.

وفي الجملة، فداود بن علي بصير بالفقه، عالم بالقرآن، حافظ للأثر، رأس في معرفة الخلاف من أوعية العلم، له ذكاء خارق، وفيه دين متين، وكذلك في فقهاء الظاهرية جماعة لهم علم باهر، وذكاء قوي، فالكمال عزيز والله الموفق.

ونحن نحكي قول ابن عباس في المتعة، وفي الصرف، وفي إنكار العول، وقول

<<  <  ج: ص:  >  >>