للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الجواب عن أدلة القول الأول:

أولًا: القياس على دم الشهيد فإن العلة في ترك دم الشهيد ليس لأنه أثر عن عبادة، وإنما لأنه يبعث يوم القيامة، وجرحه يثعب دمًا، اللون لون الدم، والريح ريح المسك.

(٢٣٢٥ - ٢٧٦) فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه، قال: حدثنا عبد الله ابن يوسف، أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك. هذا لفظ البخاري ورواه مسلم (١).

ولذلك لا يكره لو قام بتنشيف بلل الوضوء، ولا يكره غسل ما يصيب ثوب العالم من الحبر، وإن كان أثرًا ناشئًا عن عبادة (٢).

ثانيًا: ربط الحكم بالزوال منتقض؛ لأن هذه الرائحة قد تحصل قبله، وقد تحصل بعده، وقد لا تحصل، فلو أن الإنسان تسحر مبكرًا، أو لم يتسحر، فإن معدته ستخلو مبكرة. ومن الناس من لا تحصل عنده هذه الرائحة، إما لصفاء معدته، أو لأن معدته لا تهضم الطعام بسرعة، وإذا انتقضت العلة انتقض المعلول.

ثالثًا: الأحاديث التي تنهى الصائم عن السواك بعد العشي لا تقوم بها حجة، كحديث خباب، وعلي بن أبي طالب. والكراهة حكم شرعي، مفتقر إلى دليل شرعي.

رابعًا: لو سلم أن فضيلة الخلوف تزاحمت مع فضيلة السواك، ولا يمكن الجمع بينهما، فلا شك أن فضيلة السواك تربو على فضيلة الخلوف، وكون الخلوف أطيب


(١) صحيح البخاري (٢٨٠٣)، ومسلم (١٨٧٦).
(٢) حاول النووي في المجموع الجواب عن هذا، فقال: «السوك أثر عبادة مشهود له بالطيب، فكره إزالته فقوله: «مشهود له بالطيب احتراز مما يصيب ثوب العالم من الحبر، فإنه وإن كان أثر عبادة، لكنه مشهود له بالفضل، لا بالطيب. ودم الشهداء مشهود له بالطيب لقوله في الحديث: (اللون لون الدم، والريح ريح المسك)».

<<  <  ج: ص:  >  >>