للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا تتأخر النية في الصلاة عن تكبيرة الإحرام وهكذا؛ لأن أول العبادة لو عرا عن النية لكان أولها مترددًا بين القربة وبين غيرها، وآخر الصلاة مبني على أولها، فإذا كان أولها مترددًا، كان آخرها كذلك.

وخالف في ذلك الكرخي من الحنفية، فقال: يجوز تأخير النية عن تكبيرة الإحرام، وهذا بناء على قول في مذهب الحنفية: أن تكبيرة الإحرام ليست من الصلاة (١).

ولعل هذا القول لا يخرج عن القول السابق، وإنما الخلاف في تحقيق المناط، فتكبيرة الإحرام عند من يراها ركنًا في الصلاة -وهو الصحيح- لا يجوز أن تتأخر النية عن تكبيرة الإحرام، وأما عند من يرى تكبيرة الإحرام ليست من الأركان ولا الواجبات لا يمنع من تأخير النية عنها، كما أجاز الحنابلة تأخر نية الوضوء عن أول مسنونات الطهارة، وهي غسل الكفين، وتجب عندهم عند أول واجبات الطهارة.

واختلفوا في صيام النفل، هل يجوز أن تتأخر النية عن أول العبادة؟

على قولين:

فذهب الجمهور من الحنفية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤)، إلى أن تبييت النية من الليل في صيام النفل ليس بواجب، فلو نوى في أثناء اليوم في صيام النفل صح صومه بشرط ألا يتناول مفطرًا من طلوع الفجر.

وخالف في ذلك مالك رحمه الله (٥)، فقال: يجب تبييت النية من الليل، وهو


(١) البحر الرائق (١/ ٩٩).
(٢) البحر الرائق (١/ ٣١٤)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٢٩٢)، مواهب الجليل (٢/ ٤١٨)
(٣) المجموع (٦/ ٣٠٥).
(٤) قال في الإنصاف (٣/ ٢٩٧): «ويصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده، هذا المذهب، نص عليه. قال في الفروع: وعليه أكثر الأصحاب».اهـ وانظر نيل المآرب (١/ ٣٤٥).
(٥) قال في مواهب الجليل (٢/ ٤١٨): شرط صحة الصوم مطلقًا فرضًا كان أو نفلًا معينًا أو غير معين أن يكون بنية، لقول صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات، ثم قال: وصفتها أن تكون مبيتة من الليل، ويصح أن يكون اقترانها مع الفجر، سواء كان صوم واجب أو تطوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>