للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرتين ثم مضمض واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثًا ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه. ورواه مسلم (١).

فهذا الحديث سيق جوابًا على سؤال: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ والسؤال إنما هو عن الوضوء الشرعي الصحيح، فلو كان الوضوء لا يصح إلا بالتسمية لوجب بيانها؛ لأن تركها حينئذ سوف يخل بصحة الوضوء، فلا يصدق عليه أن هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف تكون التسمية واجبة كوجوب الوضوء للصلاة؟ !

ولا يصح مخرجًا من هذا أن يقال: إن قوله: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه إنما هو نفي للكمال؛ وذلك لأن الأحاديث التي فيها ذكر التسمية، جعلت منزلة التسمية من الوضوء، كمنزلة الوضوء من الصلاة، فسقط حمل النفي فيها على الكمال، فيلزم من يصحح أحاديث التسمية أن يقول: بأن التسمية شرط لصحة الوضوء، لا يصح الوضوء مطلقًا إلا بها، فإذا تركها لم يصح وضوؤه، سواء كان تركه لها ناسيًا أو ذاكرًا، كالصلاة بلا وضوء، وقد جمع بينهما الحديث، لا صلاة إلا بوضوء، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، فكما أن الصلاة لا تصح مطلقًا إلا بالطهارة، ولو ترك الطهارة ناسيًا لم تصح صلاته، فكذلك الوضوء، ولو قالوا بهذا لزمهم القدح بالأحاديث الصحيحة التي ذكرت صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وليس فيها ذكر التسمية، وكان لزامًا إما القول بأن الصحابي قصر في هذا النقل، أو عدم الأخذ بظاهر أحاديث التسمية.

ولذلك فالحنابلة القائلون بوجوب التسمية في الوضوء يصححون الوضوء إذا نسي التسمية، ولا يجعلون التسمية بمثابة الوضوء للصلاة، وهذا دليل على ضعف هذا القول؛ لأنهم لم يأخذوا بظاهر أحاديث التسمية، ولم يدعوها بالكلية.

ومن الأحاديث التي سيقت في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ولم تذكر التسمية:


(١) صحيح البخاري (١٨٥)، ومسلم (٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>