يبقى الماء في حقيقة الأمر إما هذا، وإما هذا، ومع القول بأن الماء لا ينجس إلا بالتغير تصبح صورة هذا النوع قليلة أو نادرة؛ لأن التغير أمر مشاهد محسوس اللهم إلا أن يقال: قد يقع في بعض الصور كما لو كان التغير بسبب ولوغ الكلب، أو كان الإنسان فاقدًا للشم أو أعمى، فهذا ممكن أن لا يشعر بالتغير، والله أعلم.
القول الثاني: زاد قوم آخرون الماء المغصوب.
قالوا: وحكم هذا الماء لا يمكن أن يرفع به الحدث لكن تزال به النجاسة (١).
لماذا لا يرفع الحدث وهو ماء طهور؟ قالوا: لأنه ماء استعماله محرم، فلو قلنا: إنه يرفع الحدث لرتبنا على المحرم أثره، إذ كيف يكون محرمًا ويتقرب به الإنسان.
ولماذا إذًا قلتم بأنه يزيل النجاسة؟
قالوا: لأن النجاسة إذا ذهبت بالماء المحرم فقد زال حكمها فالحكم بنجاسة المحل مع زوال النجاسة غير ممكن، ولا يشترط لإزالة النجاسة نية القربة بخلاف رفع الحدث، والصحيح أن هذا القسم لا يخرج عن القولين الأولين؛ لأن الغصب صفة خارجه عن الماء راجعة إلى الغاصب، أما الماء في حقيقته فطهور.