للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقيل: يستحب تخليل اللحية الكثيفة (١)،

وهو مذهب الحنفية (٢)،


(١) وفي ضابط اللحية الكثيفة من الخفيفة أوجه:
أحدها: أن ما عده الناس خفيفًا، فهو خفيف، وما عدوه كثيفًا فهو كثيف، فكأن هذا القول اعتبر العرف. والعرف قد لا ينضبط.
الوجه الثاني: ما وصل الماء إلى تحته بمشقة فهو كثيف، وما كان وصول الماء إلى تحته بغير مشقة فهو خفيف. والمشقة في الحقيقة غير منضبطة.
الوجه الثالث: ما ستر البشرة عن الناظر في مجلس التخاطب فهو كثيف، وما لا فهو خفيف. وهذا أحسنها. انظر المجموع (١/ ٤٠٩، ٤١٠).
فإذا عرفنا الفرق بين الشعر الخفيف والشعر الكثيف، ففي المسألة خلاف:
فقيل: الشعر الخفيف يجب غسل ما تحته من البشرة، لأنه البشرة ترى من تحته، فيتعين غسل البشرة، ولا يكفي غسل الشعر فقط، وهو مذهب الأئمة الأربعة.
وقيل: يستوي كثيف اللحية وخفيفها كما في مواهب الجليل (١/ ١٨٩) قال سند: المذهب استواء كثيف اللحية وخفيفها في عدم وجوب التخليل، وقول القاضي عبد الوهاب في الخفيف: يجب إيصال الماء إلى ما تحته، لا يناقض ذلك؛ لأنه إذا مر بيديه على عارضيه وحركهما وصل الماء إلى كل محل مكشوف من الشعر، فإن لم يصل الماء لقلته فلا يجزئه.
وظاهر عبارة الكاساني في بدائع الصنائع (١/ ٣) حيث يقول: الوجه يجب غسله قبل نبات الشعر، فإذا نبت الشعر سقط غسل ما تحته عند عامة العلماء، وقال أبو عبد الله البلخي: إنه لا يسقط غسله، وقال الشافعي: إن كان الشعر كثيفا يسقط، وإن كان خفيفًا لا يسقط. اهـ
فهو جعل الأقوال ثلاثة: الأول: يسقط غسل الوجه مطلقًا عند عامة العلماء إذا نبت الشعر، والقول الثاني: لا يسقط مطلقًا عند أبي عبد الله البلخي، كثيفًا كان الشعر أو خفيفًا، والثالث: مذهب الشافعي: وهو التفصيل بين الشعر الكثيف والخفيف، فيسقط غسل البشرة في الكثيف، ولا يسقط غسله في الخفيف.
وقال ابن عابدين في حاشيته (١/ ١٠١): أما ما في البدائع من أنه إذا نبت الشعر يسقط غسل ما تحته عند عامة العلماء كثيفًا كان أو خفيفًا؛ لأن ما تحته خرج من أن يكون وجها؛ لأنه لا يواجه به اهـ فمحمول على ما إذا لم تر بشرتها كما يشير إليه التعليل. اهـ
وهذا الحمل غير ظاهر، لأنه لو حمل على ذلك لم يكن بينه وبين مذهب الشافعي فرق، والله أعلم.
(٢) تخليل اللحية عند أبي حنيفة ومحمد من الآداب، وعند أبي يوسف سنة، وهذا لغير المحرم، وأما المحرم فمكروه له ذلك، انظر بدائع الصنائع (١/ ٢٣)، وعبر عنه الزيلعي في تبيين الحقائق (١/ ٤) بأن تخليل اللحية جائز عند أبي حنيفة ومحمد، قال: ومعناه: أنه لا يكون بدعة، وليس بسنة، وسنة على رأي أبي يوسف عليهم رحمة الله جميعًا. وانظر العناية شرح الهداية (١/ ٢٩)، شرح فتح القدير (١/ ٢٨، ٢٩)، البحر الرائق (١/ ٢٢، ٢٣)، الفتاوى الهندية (١/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>