للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم مضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض على رأسه الماء، ثم غسل جسده، ثم تنحى فغسل رجليه، قالت: فأتيته بخرقة فلم يردها، فجعل ينفض بيده (١).

وفي رواية ثم أتي بمنديل فلم ينفض بها (٢).

ولفظ مسلم: ثم أتيته بالمنديل فرده (٣).

- وأجيب بما يلي:

قال ابن رجب: «استدل بعضهم برد النبي صلى الله عليه وسلم الثوب على كراهة التنشيف، ولا دلالة فيه على الكراهة، بل على أن التنشيف ليس مستحبًا، ولا أن فعله هو أولى، ولا دلالة للحديث على أكثر من ذلك، كذا قال الإمام أحمد وغيره من العلماء» (٤).

وقال ابن حجر: استدل بعضهم بقوله: (فناولته ثوبًا فلم يأخذه) على كراهة التنشيف بعد الغسل، ولا حجة فيه؛ لأنها واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال، فيجوز أن يكون عدم الأخذ لأمر أخر لا يتعلق بكراهة التنشيف، بل لأمر يتعلق بالخرقة، أو لكونه كان مستعجلًا، أو غير ذلك. قال المهلب: يحتمل تركه الثوب لإبقاء بركة الماء، أو للتواضع أو لشيء رآه في الثوب من حرير أو وسخ، وقال أيضًا عن ابن دقيق العيد بأن نفضه الماء بيديه يدل على أن لا كراهة للتنشيف؛ لأن كلًا منهما إزالة. وقال إبراهيم النخعي: إنما رده لئلا تصير عادة» (٥).

قلت: كل هذه الاحتمالات واردة وإن كان الأصل عدمها، وأجود ما يقال: بأن رده للتنشيف يدل على عدم استحبابه، لكن لا يصيره مكروهًا، فلو تنشف الإنسان لم نجزم بالكراهة، ولم نقف على أن الرسول صلى الله عليه وسلم تركه تعبدًا، والله أعلم.


(١) البخاري (٢٧٤).
(٢) البخاري (٢٥٩).
(٣) مسلم (٣١٧).
(٤) فتح الباري لابن رجب (١/ ٣٢٤).
(٥) فتح الباري لابن حجر (١/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>