فتبين لنا في خلاصة هذا البحث، أمور منها: الأول: أن حديث المسيء في صلاته رواه أبو هريرة في الصحيحين، ورواه رفاعة بن رافع خارج الصحيحين، وهي قصة واحدة لوجود التطابق بين أحداث القصة. الثاني: أن المحفوظ في إسناده: علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة، وكل من خالف ذلك زيادة أو نقصًا في إسناده فهو إما شاذ أو منكر، وقد روى البخاري في صحيحه حديثًا من رواية علي ابن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع، انظر فتح الباري (ح ٧٩٩)، وإنما تجنب البخاري إخراج هذا الحديث في صحيحه للاختلاف على علي بن يحيى بن خلاد في ألفاظه، فالرواة عنه يزيد بعضهم على بعض بألفاظ لم يتفق الرواة عليها عنه، ولم ترد في حديث أبي هريرة، مما يجعل الباحث لا يجزم بكونها محفوظة في الحديث إلا ما وافق منها حديث أبي هريرة في الصحيحين، وما انفرد فيه حديث رفاعة مما اختلف عليه في ذكره ففي النفس منه شيء؛ لوجود الاختلاف الكثير في إسناده وألفاظه، وسأذكرها إن شاء الله في كتاب الصلاة. وقد تكلم على هذا الاختلاف أبو داود في السنن (٨٥٨، ٨٦٠، ٨٦١)، وابن أبي حاتم في العلل (١/ ٨٢، ٨٣)، والحاكم في المستدرك (١/ ٢٤٢، ٢٤٣)، والبيهقي في السنن (٢/ ٣٧٣). الثالث: انفرد همام بن يحيى عن إسحاق بذكر الوضوء على وجه التفصيل، وذلك بذكر غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين، وقد رواه حماد بن سلمة عن إسحاق كما في سنن أبي داود بلفظ: (حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه). فأجمل الوضوء ولم يفصله. كما رواه ابن عجلان وداود بن قيس بذكر الوضوء مجملًا بلفظ (إذا أردت أن تصلي فتوضأ فأحسن وضوءك). ورواه يحيى بن علي بن خلاد عن أبيه بلفظ: (إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله) فهؤلاء أربعة ممن روى الحديث بذكر الوضوء لم يفصلوا الوضوء كما ذكره همام. وروايتهم موافقة في المعنى لرواية أبي هريرة في الصحيحين في قصة المسيء صلاته، فقد أخرجه البخاري (٦٢٥١) ومسلم (٣٩٧) بلفظ: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء). ولم يذكر الوضوء مفصلًا، والقصة واحدة، لهذا أجدني ميالًا إلى أن ذكر الوضوء مفصلًا ليس محفوظًا من حديث رفاعة، وأن المحفوظ هو رواية ابن عجلان وداود بن قيس ويحيى بن علي بن خلاد وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة من رواية حماد بن سلمة، والله أعلم. انظر لمراجعة بعض طرق هذا الحديث: أطراف المسند (٢/ ٣٤٤)، تحفة الأشراف (٣٦٠٤)، إتحاف المهرة (٤٥٨٢).