للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبَوَىَّ. قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُ أَبَوَىَّ فَقُلْتُ لأُمِّى مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِى عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَاّ أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا. فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِى يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلَاّ خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ فَقَالَ «يَا بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ». فَقَالَتْ بَرِيرَةُ لَا وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنِ الْعَجِينَ فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِى أَذَاهُ فِي أَهْلِى، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلَاّ خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَاّ خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلَاّ مَعِى».

ــ

(ما كانت قط امرأة وضيئة عند رجل) أي: جميلة من الوضاءة وهي الحُسْن والجمال (ولها ضرائر إلا أكثرْنَ عليها) أي: في القول والافتراء (قالت فبتُّ تلك الليلة لا يرقأ لي دمع) رقأ يرقأ، آخره همزة على وزن سأل يسأل أي: لا ينقطع. أصله السكون (أستلبثَ الوحي) أي: طال مدة لبثه بالرفع (فقال أسامة: أهلُكَ يا رسول الله ولا نعلم واللهِ إلا خيرًا فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة [فقال: يا بريرة، هل رأيتِ فيها شيئًا يريبك؟) -بفتح الياء- من رابه أوقعه فيه الريب وهو الشك والشبهة (أن رأيت منها أمرًا أَغْمِصُهُ): بالغين المعجمة والصاد المهملة، أي: أستره أو أعيبُه. أن ما (أكثر من أنها جارية حديثة السنّ، تنام عن العجين، فتأتي الداجنُ فتأكله) الداجن -بالجيم- الشاة التي تألف البيت، هذا موضعُ الدلالة، فإنه تعديل النساء للنساء.

(فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يومه فاستعذر من عبد الله بن أبيٍّ) طلب من الناس أن يقبلوا عُذْرَهُ إن قابله على إفكه وافترائه (مَنْ يعذرني) بفتح الياء، أي: يقبل عذري إن فعلت به نكالًا

<<  <  ج: ص:  >  >>