النَّفْسَ باِلْنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] بأن ذلك حكاية ما في التوراة، وأجاب بعضُهم بأنه حكي على أنَّه شرعنا، وليس بسديد. لقوله:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ}[المائدة: ٤٥] في صدر الآية.
قال البيضاوي: واستدلوا أيضًا بما روأه عبد الرحمن السلماني أن رجلًا من المسلمين قَتَل رجلًا من أهل الذمة، "فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به فقتل". قال القاضي: وهذا الحديث منقطعٌ لا احتجاج به، ثم إنه أخطأ إذ قال: القاتلُ كان عمروَ بنَ أمية، وعمروُ بن أمية عاش بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دهرًا. ثم فيه أنَّه قال: والكافر المقتول كان رسولًا، والمستأمَنُ لا يُقْتَلُ [به المسلم وفاقًا] ولو فُرض صحته منسوخٌ؛ لأنه رُوي أنَّه كان قبل الفتح ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ يوم الفتح على دَرَج البيت، ومن تلك الخُطبة:"لا يُقتل مسلمٌ بكافر، ولا ذو عهد في عهده". هذا كلامُهُ، وفيه أن الحديث المنقطع عند الحنفية حجةٌ. وأمّا قوله: عمرو بن أمية مات بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذاك عمرو بن أمية بن خويلد الضمري، مات بالمدينة في أيام معاوية. وأما عمرو بن الحارث الأسدي مات بالحبشة مهاجرًا.
قال بعض الشارحين في قوله:"وأن لا يُقتل مسلم بكافر": كيف جاز عطفُ الجملة على المفرد؟ قلتُ: هو مثل قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}[آل عمران: ٩٧] أي: حكم حرمة القصاص من المسلم بالذمي، وهذا كلامٌ لا طائل تحته، ولا مجال للسؤال، فإن قوله:"وأن لا يُقتل"، ليس جملةً عند أَحَدٍ من النحاة، لأنه بدخول: أن صار في حكم المصدر.
فإن قلت: في روايةٍ: لا يُقتل، بدون أَنْ؟ قلت: أَنْ مقدرة كما في: تَسْمَعُ بالمُعَيدي.