رواية أبي داود: يصعدون (فأخذوا يقولون الغنيمة الغنيمة) أي: شرع الرماة في هذا القول، وانتصابه على الإغراء (فقال عبد الله: عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تبرحوا فلما أبوا صُرِفَ وجوههم) أي: قلوبهم، كناية عن الانهزام بشؤم مخالفته كما قال تعالى:{قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران: ١٦٥](وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد) وإنما فعل ذلك لأن الَّذي رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: قتلت محمدًا. ولعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما منعهم عن الجواب؛ لأن الناس كان فيهم قلة وضعف لا يجترئ عليهم الكفار.
فإن قلت: فكيف خالف عمر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال:(كذبت عدوَّ الله)؟ قلت: علم أنَّه ليس في المنع غرض ديني، ويجوز الاجتهاد لغيره بحضرته، ولا سيما ما يتعلق بأمر الحروب، ألا ترى إلى ما تقدم في غزاة بدر لما نزل دون الماء قال له حباب: هذا المنزل شيء أُمِرْتَ به أم لأن الحرب خدعة؟ فقال:"لم اؤمر بذلك في شيء". فقال: الرأي أن ننزل على الماء نشرب ولا يشربون، فانتقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الموضع الَّذي أشار به.
(قال أبو سفيان: اعل هبل) -بضم الهاء وفتح الباء- صنم لقريش كان في داخل الكعبة جاء بها عمرو بن لحي الخزاعي من الشام. قال ابن هشام: أول صنم دخل بلاد العرب وهذا الملعون هو الَّذي غير ملة إبراهيم (إن لنا عزى ولا عزى لكم) هذه صنم لقريش وكنانة، وقيل: شجرة ثمرة بنوا عليها بيتًا لغطفان فأحرقها خالد بن الوليد، فعلى هذا تكون قريش