أو مفعول مطلق في موضع الترحيب. قال بعضهم: مفعول مطلق تقديره: أصبت رحبًا، وهذا سهو منه؛ لأن هذا تقدير المفعول به، وأيضًا صيغة الخطاب لا تصح مع قوله: مرحبًا بالنبي، وإنما لم يقل مرحبًا بك لأن في لفظ النَّبِيّ فخامة وإجلالًا لا يوجد في الخطاب، وعلى هذا الأسلوب جرى معه كلام سائر الأنبياء.
(هذه الأسودة عن يمينه وشماله نسم) جمع نسمة، وهي الروح، قال ابن الأثير: كل ذي روح نسمة، وكأنه مأخوذ من نسيم الريح للطافة الروح (قال أنس: فذكر أنَّه وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت منازلهم) الذاكر هو أبو ذر الذي روى عنه أنس، وقد جاء إثبات منازلهم في بعض الروايات. قال النووي: وما يقع من الاختلاف فليس بتناقض؛ لأنهم يسيرون في عالم الملكوت، ألا ترى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم كلهم في بيت القدس.
فإن قلت: قول موسى وعيسى: (مرحبًا بالأخ الصالح) ظاهر لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن من نسلهم، فما وجه قول إدريس، وهلا قال مثل قول إبراهيم: مرحبًا بالابن الصالح؟ قلت: تواضع منه، وسيأتي أن الأنبياء كلهم إخوة، وقيل: لأن إدريس ليس من آباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس بصواب؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ولد نوح بلا خلاف، ونوح من ولد إدريس كذلك.
فإن قلت: لم وصفه كل منهم بالصلاح، والنبوة فوق الصلاح؟ قلت: الصلاح وصف جامع لكل فضيلة وخصلة حميدة. وقال بعض المحققين: وصف الشيء بآخر قد يكون لتعظيم الموصوف كرجل عالم، وقد يكون لتعظيم الوصف منه، وصفة الأنبياء بالصلاح