للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا عِيسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم -». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِىَّ كَانَا يَقُولَانِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ثُمَّ عُرِجَ بِى حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلَامِ». قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِى خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ

ــ

إشارة إلى أن الصلاح وصف يوصف به الرسل فيكون فيه ترغيب للسامع، ويجوز أن يكون اللام للعهد أي: الذي صلح لهذه الرتبة السنية.

(قال ابن شهاب: فأخبرني ابن حزم) -بالزاي المعجمة- محمَّد بن حزم الأَنْصَارِيّ، تابعي جليل القدر (وأبا حبَّة الأَنْصَارِيّ) -بحاء مهملة وباء موحدة- قال الغساني: اسمه عامر، وقيل: زيد (ثم عرج بي حتَّى ظهرت لمستوى) بفتح التاء أي: علوه، الفضاء الذي لا عوج فيه (أسمع منه صريف الأقلام) صوت جريانها في الكتاب. قال الأصمعيّ: الصريف صوت ناب البعير إذا كان من الفحول يكون من النشاط، وإذا كان من الإناث يكون من الإعياء.

(قال ابن حزم وأنس: قال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: ففرض الله على أمتي خمسين صلاة) هذا من مقول ابن شهاب داخل تحت الإسناد وليس من التعليق في شيء، نبه عليه أبو نعيم وكذا ذكره الإسماعيلي وآخرون. قيل: في هذا إشكال وهو أن النسخ قبل البلاغ واعتقاد وجوبه لا يجوز عندنا، وأجاب شيخ الإِسلام بأنه نسخ بالنسبة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يكن نسخًا بالنسبة إلى أمته، ولا يدفع الإشكال لقوله: (فرض على أمتي).

والحق في الجواب أن التبليغ إلى كل من كلف به ليس بواجب قطعًا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مكلفًا بالصلوات، فعلمه بذلك كاف؛ لأن ما التزمه لازم لأمته إذا لم يكن من خواصه، وإلى ما فصلناه أشار البزدوي في دفع الإشكال بأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أصل هذه.

فإن قلت: قال الله تعالى للأمة في آخر المزمل: {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: ٢] والمراد به صلاة الليل، وقال فيه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] والمزمل من أوائل القرآن نزولًا. قلت: كانت الصلاة مشروعة في الجملة، وقيل: كانت صلاة الصبح وصلاة العصر وإليهما أشير بقوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: ٥٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>