للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى مُوسَى قُلْتُ وَضَعَ شَطْرَهَا. فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ. فَقَالَ هِىَ خَمْسٌ وَهْىَ خَمْسُونَ، لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى. ثُمَّ انْطَلَقَ بِى حَتَّى انْتَهَى بِى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِى مَا هِىَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ». طرفاه ١٦٣٦، ٣٣٤٢

ــ

إنما الكلام في فرضية الصلوات الخمس (ارجع إلى ربك) أي: إلى الموضع الذي كنت تناجيه فيه.

(هي خمس وهي خمسون) أي: خمس عددًا وخمسون معنىً لأن الحسنة أقل ما يكون بعشر أمثالها، وأما النهاية باعتبار حال المصلي والأزمان والأماكن فلا يحيط به إلَّا علم علام الغيوب تعالى وتقدس (إلى سدرة المنتهى) وفي رواية: "السدرة" فعلى الرواية الأولى من إضافة الموصوف إلى الصفة، كمسجد الجامع، وهذه شجرة النبوة كما سيأتي وصفها. قال ابن عباس: لأن علم الملائكة لا يجاوزها غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وعن ابن مسعود: لأن ما يصعد من تحت ينتهي إليها وكذلك ما ينزل من فوق (وغشيها ألوان لا أدري ما هي) أي: من كمال حسنها كما جاء في الرواية الأخرى: "ولا يقدر أحد من الخلق أن ينعتها"، وبه يسقط ما قيل: قوله: ما هي للتفخيم وإن كان معلومًا.

(ثم أدخلت الجنة) أي: بعد قضاء الوطر من مناجاة ربه تعالى وتخفيف الأمر على أمته. قال ابن دحية: (ثم) ليس على أصله من التراخي زمانًا، بل للتراخي رتبة، وليس كما قال، وأي رتبة فوق مناجاة رب العالمين؟ (فهذا فيها حبائل اللؤلؤ) بالحاء بعدها باء موحدة. قال ابن الأثير: كذا وقع في البُخَارِيّ، والمعروف جنابذ بالجيم جمع جنبذ -بضم الجيم وفتح الباء- معرب كنبذ فارسي معناه: القبة، قال: ويحمل ما في البُخَارِيّ على مواضع المرتفع كجبال الرمل كأنه جمع حبالة، وجبالة جمع جبل، والجبال في الرمل كالجبال في غير الرمل، وفي الحديث دلالة على فضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سائر الرسل، وعلى وجود الملائكة والجنة والنار، وأن السماوات ذات أبواب، وضل الصلاة على سائر فروع الإيمان لأنها فرضت من غير واسطة ملك، ودلالة على جواز النسخ قبل التمكن من الفعل، وأن ما في علمه تعالى لا يتبدل، وأما قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: ٣٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>