للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَفْعَلُ». فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهْوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِى خَلِيفَةَ فَحَدَّثَنَا بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ هِيهِ، فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ هِيهِ، فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا. فَقَالَ لَقَدْ حَدَّثَنِى وَهْوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَا أَدْرِى أَنَسِىَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا. قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا، فَضَحِكَ وَقَالَ خُلِقَ الإِنْسَانُ عَجُولاً مَا ذَكَرْتُهُ إِلَاّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِى كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ قَالَ «ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِى فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ. فَيَقُولُ وَعِزَّتِى وَجَلَالِى وَكِبْرِيَائِى وَعَظَمَتِى لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ». طرفه ٤٤

ــ

فإن قلت: ما فائدة التكرار؟ قلت: قال بعض الشارحين: فائدته التأكيد، ويحتمل التوزيع على الجنة. والخردلة من الإيمان: أي: أقل حبة من أقل خردلة من أقل إيمان، وفيه دليل على تجزيء الإيمان والزيادة والنقصان. هكذا كلامه، وفيه خبط من وجوه:

الأول: أن التأكيد إنما يكون إذا كرر المعنى الأول، وليس المعنى على ذلك فإن أدنى الأول أقل من أدنى الثاني، وكذا الثاني دون الثالث، وهذا كما يقولون في المبالغة عن القلة: أقل من القليل.

الثاني: ما قاله من التوزيع لا معنى له لأن الحبة هي الخردلة لا غير، والأدنى المكرر هو صفة الإيمان, والكلام إنما هو في تصوير المعقول بصورة المحسوس لا حبة هناك ولا خردلة.

الثالث: أن قوله: فيه دليل على تجزئ الإيمان والزيادة والنقصان وإن كان ظاهرًا إلا أنه ليس هو محل النزاع لأن قوله: أدنى أدنى أدنى إنما هو في الزائد على نفس التصديق ألا ترى إلى قوله في آخر الحديث (ثم أعود الرابعة فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال لا اله إلا الله، فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله) يريد بدون شفاعة أحد لما تقدم من قوله تعالى: "شفعت الملائكة والأنبياء والمؤمنون ولم يبق إلا شفاعتي". وهؤلاء الذين ليس لهم إلا التصديق لأن لا إله إلا الله بلا تصديق معه

<<  <  ج: ص:  >  >>