للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حدثًا ينقض الوضوء على أي وضع كان، وإنما هو سبب للحدث، فالنوم الخفيف الذي لا يكون معه غياب للعقل لا يوجب الوضوء، وهذا هو المراد من فعل الصحابة رضي الله عنهم، وأحاديث النقض بالنوم يقصد بها النوم الثقيل الذي يغيب معه الوعي.

قال القرطبي في المفهم: «وهذا النوم في هذه الأحاديث هو الخفيف المعبر عنه بالسنة التي ذكرها الله تعالى في قوله تعالى: (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) ... قال المفضل: السنة في الرأس والنعاس في العين والنوم في القلب».اهـ

وقال ابن حبان في صحيحه: «الرقاد له بداية ونهاية، فبدايته النعاس الذي هو أوائل النوم، وصفته أن المرء إذا كلم فيه سمع، وإن أحدث علم، إلا أنه يتمايل تمايلًا، ونهايته زوال العقل، وصفته أن المرء إذا أحدث في تلك الحالة لم يعلم، وإن كلم لم يفهم، فالنعاس لا يوجب الوضوء على أحد، قليله وكثيره على أي حالة كان الناعس، والنوم يوجب الوضوء على من وجد على أي حالة كان النائم على أن اسم النوم قد يقع على النعاس، والنعاس على النوم، ومعناهما مختلفان، والله عز وجل فرق بينهما بقوله: (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) إلخ كلامه رحمه الله تعالى (١).

وإن قلنا بالتعارض فإن الأحاديث الموجبة للوضوء ناقلة عن البراءة الأصلية فتكون مقدمة على غيرها، والأولى القول بالجمع؛ لأنه لا يصار إلى التعارض والجمع ممكن.

الجواب الثاني:

إذا كانت لفظة (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) لم ترد إلا من رواية محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، وقد خالفه فيها الأمام أحمد، حيث روى الحديث عن يحيى بدونها، كما رواه جماعة عن شعبة بدونها، وإذا لم تكن لفظة (على عهد النبي صلى الله عليه وسلم)


(١) صحيح ابن حبان (٣/ ٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>