للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أما العلة في إسناده: فقد قيل: إن محمد بن المنكدر لم يسمع هذا الحديث من جابر، وإنما سمعه من ابن عقيل، وأكثر الأئمة على تضعيف ابن عقيل، فقد ضعفه أحمد، وابن عيينة، ويحيى بن معين، وابن المديني والنسائي، وأبو حاتم الرازي، وابن خزيمة، وابن حبان، ويعقوب بن شيبة، كل هؤلاء تكلموا في حفظ ابن عقيل، ومن رفعه لم يرفعه إلى درجة الضبط، بل قال: مقارب الحديث، والله أعلم.
قال الشافعي رحمه الله كما في كتاب المعرفة للبيهقي (١/ ٣٩٥): لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر، وإنما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل. قال البيهقي: وهذا الذي قاله الشافعي محتمل؛ وذاك لأن صاحبي الصحيح لم يخرجا هذا الحديث من جهة محمد بن المنكدر، عن جابر في الصحيح، مع كون إسناده على شرطهما؛ ولأن عبد الله بن عقيل قد رواه أيضًا عن جابر، ورواه عنه جماعة، ثم قال: إلا أنه قد روي عن حجاج بن محمد وعبد الرزاق ومحمد ان بكر، عن ابن جريج، عن ابن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله .. فذكروا هذا الحديث، فإن لم يكن ذكر السماع فيه وهمًا من ابن جريج فالحديث صحيح على شرط صاحبي الصحيح». اهـ
قلت: ما ساقه البيهقي احتمالًا قد صرح به البخاري في التاريخ الصغير (٢/ ٢٥٠)، قال رحمه الله: «وقال بعضهم: عن ابن المنكدر: سمعت جابرًا، ولا يصح».اهـ
وهذا ذهاب من البخاري رحمه الله أن ذكر سماع ابن المنكدر عن جابر في هذا الحديث لا يصح، وأن الحديث ليس على شرط البخاري.
وقد أخرج أحمد (٣/ ٣٠٧) حدثنا سفيان، سمعت ابن المنكدر غير مرة يقول: عن جابر، وكأني سمعته مرة يقول: أخبرني من سمع جابرًا، ظننته سمعه من ابن عقيل.
ولفظ ابن عقيل على فرض تحسين حديثه ليس فيه: (كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار)، وإنما فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أكل لحمًا، ثم توضأ، فصلى الظهر، ثم رجع إلى فضل طعامه، فأكل منه، ثم قام إلى صلاة العصر، ولم يتوضأ، وهذا اللفظ لا إشكال فيه، ولا حجة فيه على نسخ الوضوء من لحوم الإبل، بل ولا على نسخ الأمر بالوضوء مما مست النار، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وشعيب بن أبي حمزة وإن كان مقدمًا في الزهري، بل ويعتبر ثقة فيما يرويه عن غير الزهري إلا أنه متكلم في روايته عن ابن المنكدر، تكلم في ذلك أبو حاتم الرازي، وذلك أن شعيب أراد أن يسمع من ابن المنكدر، فكتب أحاديثه، ويظهر أنه جمعها من غير تثبت، فعرضها على ابن المنكدر، فعرف بعضها، وأنكر بعضها، ويظهر أن شعيب لم يصحح ذلك، لذلك وقعت المنكرات في رواية شعيب، عن ابن المنكدر، انظر كلام أبي حاتم الرازي في العلل (٣/ ٢٠٣ - ٢٠٤)، وكلام ابن رجب في شرح علل الترمذي (١/ ١٦٦).
هذا فيما يتعلق بعلة الإسناد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>