للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأما العلة في المتن: فإن الحديث يرويه جماعة: منهم ابن جريج وابن عيينة ومعمر وأيوب وروح بن القاسم وغيرهم عن محمد بن المنكدر، عن جابر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم نزل على امرأة من الأنصار، فقربت له لحمًا، فأكل، ثم حان وقت صلاة الظهر، فتوضأ، وصلى، ثم رجع فقربت له فضل طعامه، فأكل، فحانت صلاة العصر، فصلى، ولم يتوضأ.
فأراد شعيب بن أبي حمزة أن يختصر الحديث والقصة، فقال: كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار، فأوقع هذا الاختصار المخل في فهم غير مراد للحديث، وفهم الجمهور أن هذا الحديث بهذا اللفظ ناسخ لأحاديث الأمر بالوضوء مما مست النار، وكان شعيب رحمه الله يقصد من قوله: في آخر الأمرين: المقصود بالأمر: الشأن والقصة، وليس الأمر الشرعي.
قال أبو داود عن رواية شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر: هذا اختصار من الحديث الأول: يعني: حديث ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بلفظ: قربت للنبي صلى الله عليه وسلم خبزًا ولحمًا، فأكل، ثم دعا بوضوء، فتوضأ به، ثم صلى الظهر، ثم دعا بفضل طعامه، فأكل، ثم قام إلى الصلاة، ولم يتوضأ.
وقال ابن حبان في صحيحه: «وهذا خبر مختصر من حديث طويل اختصره شعيب بن أبي حمزة متوهمًا لنسخ إيجاب الوضوء مما مست النار مطلقًا وإنما هو نسخ لإيجاب الوضوء مما مست النار خلا لحم الجزور فقط».
وقال ابن أبي حاتم في العلل (١/ ٦٤): «سمعت أبي يقول: هذا حديث مضطرب المتن، إنما هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتفًا، ولم يتوضأ، كذا رواه الثقات، عن ابن المنكدر، عن جابر، ويحتمل أن يكون شعيب حدث به من حفظه، فوهم فيه». اهـ
وقال ابن القيم عن في زاد المعاد (٤/ ٣٧٧): «ليس فيه حكاية لفظ عام عن صاحب الشرع، وإنما هو إخبار عن واقعة فعل في أمرين: أحدهما متقدم على الآخر، كما جاء ذلك مبينًا في نفس الحديث: أنهم قربوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لحمًا، فأكل، ثم حضرت الصلاة، فتوضأ، فصلى، ثم قربوا إليه، فأكل، ثم صلى، ولم يتوضأ، فكان آخر الأمرين منه ترك الوضوء مما مست النار، هكذا جاء الحديث، فاختصره الراوي لمكان الاستدلال».
وقال ابن القيم أيضًا في تهذيب السنن (١/ ١٣٨): «الحديث قد جاء مثبتًا من حديث جابر نفسه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعي إلى طعام، فأكل، ثم حضرت الظهر، فقام وتوضأ وصلى، ثم أكل، فحضرت صلاة العصر، فقام فصلى، ولم يتوضأ، فكان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار، فالحديث له قصة، فبعض الرواة اقتصر على موضع الحجة، فحذف القصة، وبعضهم ذكرها، وجابر روى الحديث بقصته».
وقال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٦٣): «ليس في حديث جابر ما يدل على ذلك - يعني ما يدل على الترك العام من الوضوء مما مست النار - بل المنقول عنه الترك في قضية معينة». =

<<  <  ج: ص:  >  >>