للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وهذا الاختصار من شعيب رحمه الله لم يكن اختصارًا موفقًا حتى ولو حملناه على أن المقصود بالأمر الشأن، والقصة. لسببين:
الأول: أنه يوهم أن الوضوء مما مست النار منسوخ، وليس كذلك؛ لأننا لا نستطيع أن نقطع أن الوضوء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الظهر كان بسبب أكل اللحم، فقد يكون محدثًا، ولم يكن عندنا دليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين أكل من اللحم قبل صلاة الظهر كان على وضوء، ثم فعل الوضوء بسبب اللحم، بل إن ابن عقيل رحمه الله والحديث كما بينا إنما هو حديثه، سمعه منه ابن المنكدر، ولم يسمعه من جابر، قد روى الحديث عن جابر، وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان وضوءه الأول عن حدث، وليس بسبب أكل اللحم، وسوف نسوق لفظها إن شاء الله تعالى حين تخريج الحديث.
الثاني: أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينسخ قوله، فالأمر بالوضوء مما مست النار ثبت في أحاديث قولية في الصحيحين وفي غيرهما، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم أكل لحمًا ثم صلى، ولم يتوضأ يجعل الأمر بالوضوء للاستحباب، وليس للوجوب، ولا يصح أن نقول: إن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم دليل على نسخ الأحاديث القولية، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء كان نهيه دليلًا على التحريم، فإذا ارتكب هذا النهي حملنا النهي على الكراهة ولا نقول: إن ارتكابه لهذا النهي دليل على نسخ النهي، إلا أن يقوم دليل على أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم خاص به فنبقي الأمر والنهي على ظاهرهما.
وقد ذهب ابن تيمية رحمه الله إلى أن الوضوء مما مست النار ليس منسوخًا، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٦٣): «لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث عام ينسخ الوضوء من كل ما مسته النار، وإنما ثبت في الصحيح أنه أكل كتف شاة، ثم صلى، ولم يتوضأ، وكذلك أتي بالسويق فأكل منه، ثم لم يتوضأ. وهذا فعل لا عموم له، فإن التوضؤ من لحوم الغنم لا يجب باتفاق الأئمة المتبوعين».
فتفرد شعيب بن أبي حمزة بهذا اللفظ عن ابن المنكدر ومخالفته لأصحاب ابن المنكدر، بل ومخالفته لمن رواه عن جابر يجعل الحديث غير محفوظ، والله أعلم.
وفي تاريخ أبي زرعة الدمشقي (ص: ٤٣٤): «حدثني علي بن عياش، قال: حدثني شعيب بن أبي حمزة، قال: مشيت بين الزهري ومحمد بن المنكدر في الوضوء مما مست النار، وكان الزهري يراه، فاحتج الزهري بأحاديث، قال: فلم أزل أختلف بينهما حتى رجع ابن المنكدر».
[تخريج الحديث].
الحديث كما سبق مداره على محمد بن المنكدر، عن جابر، ويرويه جماعة عن محمد بن المنكدر،
الأول: شعيب بن أبي حمزة، عنه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>