للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[م-٢١٢] اختلف الفقهاء في الوضوء مما مست النار:

فقيل: يجب الوضوء مما مسته النار، اختاره بعض الصحابة رضي الله عنهم، منهم ابن عمر، وعائشة، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وأبو طلحة، وزيد بن ثابت، وغيرهم (١).

ورجحه الزهري رحمه الله تعالى (٢).

وقيل: لا يجب فيه وضوء، وعليه عمل الخلفاء الراشدين (٣)، وهو مذهب جماهير أهل العلم على خلاف بينهم:

هل كان الوضوء منه واجبًا فنسخ؟ اختاره بعض المالكية (٤)، وهو مذهب


(١) انظر الأوسط لابن المنذر (٢/ ٢١٣)، التمهيد (٣/ ٣٣١).
(٢) التمهيد (٣/ ٣٣١).
(٣) التمهيد (٣/ ٣٣٢)، المفهم (١/ ٦٠٣).
(٤) قال الباجي في المنتقى (١/ ٦٥): «روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد لا بأس بها، أنه قال: توضئوا مما أنضجت النار» واختلف أصحابنا في تأويل ذلك، فمنهم من قال: إنه لم يكن قط الوضوء مما أنضجت النار واجبًا، وإنما كان معناه المضمضة وغسل الفم على وجه الاستحباب، ومنهم من قال: قد واجبًا، ثم نسخ، وتعلقوا في ذلك بما رواه شعيب ابن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله أنه قال: كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار.
وقال القرطبي في المفهم (١/ ٦٠٣): «قوله: «توضئوا مما مست النار» هذا الوضوء هنا هو الوضوء الشرعي العرفي عند جمهور العلماء، وكان الحكم كذلك ثم نسخ، كما قال جابر
ابن عبد الله: «كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار» وعلى هذا تدل الأحاديث الآتية بعد، وعليه استقر عمل الخلفاء ومعظم الصحابة وجمهور العلماء من بعدهم، وذهب أهل الظاهر والحسن البصري والزهري إلى العمل بقوله: «توضئوا مما مست النار، وأن ذلك ليس بمنسوخ ...... وذهبت طائفة إلى أن ذلك الوضوء إنما هو الوضوء اللغوي، وهو غسل اليد والفم من الدسم والزفر ... والصحيح الأول فليعتمد عليه».
وضعف ابن عبد البر تأويل الوضوء مما مست النار بغسل الأيدي من الدسم، وذهب إلى القول بالنسخ، انظر التمهيد (٣/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>