للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن جابر قال: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار (١).

فرأوا أن الحديث دليل على أن الوضوء مما مست النار كان مشروعًا فنسخ، إلا أن الحديث بهذا اللفظ، قد ذهب بعض أهل العلم منهم أبو داود وأبو حاتم الرازي وابن حبان وابن تيمية وابن القيم وغيرهم إلى أن شعيب اختصر الحديث، فأخطأ فيه (٢)، فأوقع هذا الاختصار المخل للحديث في لبس، وأن الحديث عند من بسطه لا يدل على ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، وإنما فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أكل لحمًا عند امرأة من الأنصار، ثم قام إلى صلاة الظهر، فتوضأ، وصلى، ثم عاد مرة أخرى، فقدمت له بقية اللحم، فأكل، ثم قام، وصلى العصر، ولم يتوضأ، فأراد شعيب أن يختصره، فقال: كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار، والمقصود بالأمرين أي في شأن هذه القصة، وليس في الأمر العام الشرعي على أن الحديث له علة أخرى، فقد قيل: إن محمد بن المنكدر لم يسمعه من جابر، وإنما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل، وأكثر أهل العلم على ضعفه. وقد سبق بحث الحديث، فأغنى عن إعادته هنا.

ورد ابن حزم (٣)، وابن التركماني (٤)، القول باختصار الحديث، وقالا: إنما هما حديثان، وأيدهما أحمد شاكر رحمه الله تعالى.

وقال أحمد شاكر: ومن الواضح أن هذا تأويل بعيد جدًّا، يخرج به الحديث عن ظاهره، بل يحيل معناه عما يدل عليه لفظه وسياقه، ورمي الرواة الثقات الحفاظ بالوهم بهذه الصفة ونسبة التصرف الباطل في ألفاظ الحديث إليهم حتى يحيلوها عن


(١) سنن أبي داود (١٩٢).
(٢) سبق بحثه في الكلام على الوضوء من أكل لحم الإبل، انظر رقم (٤٦٧) فأغنى والله الحمد عن إعادته هنا.
(٣) المحلى (١/ ٢٤٣).
(٤) الجوهر النقي (١/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>