معناها قد يرفع من نفوس ضعفاء العلم الثقة بالروايات الصحيحة جملة ... إلخ كلامه رحمه الله (١).
وكلام أهل العلل كأبي داود وأبي حاتم الرازي وابن حبان ومعهم ابن تيمية وابن القيم لا يمكن أن يعارض بكلام ابن حزم وابن التركماني، وذلك أن ابن حزم رحمه الله لم يكن من أهل العلل أصلًا، وليست له عناية في هذا الفن، ومن قرأ كتابه المحلى قطع بذلك، وإن كان هذا لا يقدح في إمامته في الفقه، فالمرد عند الكلام على العلل إنما هو إلى أهله وصيارفته، وما ساقه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله إنما هو من باب إحسان الظن بالراوي، وهذا لا يمنع من الوقوع بالخطأ، والثقة بل الأئمة يقع لهم بعض الأخطاء، فهذا مالك وسفيان والزهري وشعبة قد يحصي أئمة الحديث أوهامًا لهم وقعوا فيها، إما في المتن وإما في الإسناد، وليس ذلك بقادح في الثقة حتى يكثر ذلك منه، فإذا كثرت مخالفته قدح ذلك في ضبطه، والحديثان مخرجهما واحد، وشعيب متكلم في روايته عن ابن المنكدر، وقد أشرت إلى ذلك عند تخريج حديثه هذا في الوضوء من لحم الإبل، فلله الحمد.
وبناء عليه فالوضوء مما مست النار محفوظ غير منسوخ، وإن كان الأمر بالوضوء مما مست النار ليس للوجوب، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء، ثم أكل لحمًا وصلى ولم يتوضأ، فدل على أن الأمر بالوضوء منه ليس للوجوب، وإنما هو على قبيل الاستحباب، والله أعلم.