وأومأ ابن دقيق العيد إلى تصحيحه، فقال كما في نصب الراية (١٨٥): «ومن يصححه يعتمد بعد تعديل أبي قيس على كونه ليس مخالفًا لرواية الجمهور مخالفة معارضة، بل هو أمر زائد على ما رووه، ولا يعارضه، ولا سيما وهو طريق مستقل برواية أبي هزيل، عن المغيرة لم يشارك المشهورات في سندها». اهـ وقال نحوه ابن التركماني في الجوهر النقي (١/ ٢٨٤). وقال أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي (١/ ١٦٨): «وليس الأمر كما قال هؤلاء الأئمة، والصواب صنيع الترمذي في تصحيح هذا الحديث، وهو حديث آخر غير حديث المسح على الخفين، وقد روى الناس عن المغيرة أحاديث المسح في الوضوء، فمنهم من روى المسح على الخفين، ومنهم من روى المسح على العمامة، ومنهم من روى المسح على الجوربين، وليس في شيء منها بمخالف للآخر، إذ هي أحاديث متعددة، وروايات على حوادث مختلفة، والمغيرة صحب النبي صلى الله عليه وسلم نحو خمس سنين، فمن المعقول أن يشهد من النبي صلى الله عليه وسلم وقائع متعددة في وضوئه ويحكيها، فيسمع بعض الرواة منه شيئًا، ويسمع غيره شيئًا آخر، وهذا واضح بديهي. وقال أيضًا في مقدمته لرسالة جمال الدين القاسمي: «العلماء جمعوا بين الأحاديث التي صحت في صفة صلاة الكسوف على أوجه متعددة، بأن هذا اختلاف وقائع، لا اختلاف رواية، مع علمهم بأن وقوع الخسوف والكسوف قليل، فأولى أن يحمل بذلك في صفة الوضوء الذي يتكرر كل يوم مرارًا». اهـ كلام أحمد شاكر. ولو كان مثل هذا التفرد نقله إمام من الأئمة الحفاظ كالزهري أو مالك لقبل كلام المتأخرين بأنه طريق مستقل، أما وقد انفرد به رجل غاية ما يقال عنه: إنه صدوق في حفظه شيء، فلا يحسن هذا الكلام. وعلى كل حال فهذا كلام المتقدمين، واعتراض المتأخرين، والمرجع في العلل إلى أهله وصيارفته، وكيف يظن بأن هؤلاء الجبال يجهلون أن هذا الطريق طريق آخر مستقل، فالصحيح كلام أهل العلل، وكيف ينهض وقد أعله هؤلاء الأئمة.