للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ - شعبة الشاك- صلى ركعتين (١).

وهذا من أقوى الأدلة على التحديد، قال ابن حجر: «وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه» (٢).

• وأجيب عن هذا الحديث الصريح:

الجواب الأول:

تضعيف الحديث بتفرد يحيى بن زيد الهنائي، قال ابن عبد البر: «شيخ من أهل البصرة، ليس مثله ممن يحتمل أن يحمل هذا المعنى الذي خالف فيه جمهور الصحابة والتابعين، ولا هو ممن يوثق به في ضبط مثل هذا الأصل» (٣).

قلت: لم يرو عنه أحد من الكتاب الستة إلا مسلم وأبو داود، وليس له فيهما إلا هذا الحديث، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وقال عنه أبو حاتم الرازي: شيخ، وفي التقريب: مقبول، يعني حيث يتابع، ولم يتابع، وقال الذهبي: صالح، لا بأس به.

فكلام ابن عبد البر واضح أنه يتمشى مع قواعد أهل التحديث، وأن التفرد بأمر يحتاج إليه عامة الناس لا يقبل إلا من إمام كالزهري، ومالك، ونحوهما، وأن مخالفة ابن عمر وابن عباس له يدل على وهمه.

الجواب الثاني:

رده القرطبي بأنه مشكوك فيه، هل هو ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ؛ إذ كل واحد مشكوك فيه (٤).

ولا يوافق عليه؛ لأن الشك في الثلاثة أميال، أما الثلاثة فراسخ فليس فيها شك


(١) صحيح مسلم (٦٩١).
(٢) فتح الباري (٢/ ٥٦٧).
(٣) الاستذكار (٢/ ٢٤٠).
(٤) تفسير القرطبي (٥/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>