للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ومذهب الحنابلة لا يكون طاهرًا إلا بشروط، منها:
الأول: أن يكون الماء قليلًا، وحد القليل عندهم: أن يكون دون القلتين، لقوله صلى الله عليه وسلم: لايغمس يده في الإناء، وإناء الوضوء إناء صغير.
الثاني: أن يغمس كامل يده، لحديث أبي هريرة في الصحيحين، وفيه: (فلا يغمس يده)، واليد عند الإطلاق تشمل جميع الكف، لقوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) [المائدة: ٣٨] وفي التيمم المسح خاص بالكف، لقوله تعالى: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم) [المائدة: ٦] وأما إذا كان الأمر زائدًا على الكف فلا بد من التقييد، كما في آية الوضوء، قال تعالى: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ? ) [المائدة: ٦].
وأما إذا غمس بعض يده فلا يؤثر في الماء، وهو المشهور من المذهب عند المتأخرين، انظر كشاف القناع (١/ ٣٣)، المبدع (١/ ٤٦).
وقيل: يؤثر، ولو غمس بعض اليد، انظر الفروع (١/ ٧٩)، والإنصاف (١/ ٤٠)، ولا يؤثر غمس عضو آخر غير اليد؛ لأن الحديث نص على اليد.
الثالث: أن يكون قائمًا من نوم الليل. ولي فيها وقفة خاصة، نظرًا لكثرة أدلتها.
الرابع: أن يكون النوم ناقضًا للوضوء، وهو عندهم كل نوم إلا نومًا يسيرًا من قاعد أو قائم.
الخامس: لا بد أن تكون اليد يد مكلف بحيث لو كان الغامس صغيرًا أو مجنونًا أو كافرًا لم يؤثر ذلك في الماء.
في مذهب الإمام أحمد وجهان في الصغير والمجنون والكافر إذا غمسوا أيديهم في الماء:
أحدهما: أنهم كالمسلم البالغ العاقل لا يدرون أين باتت أيديهم.
والثاني: أنه لا تأثير لغمس الصبى والمجنون والكافر. قال صاحب الإنصاف: (١/ ٤١) وهو الصحيح، وإليه مال المصنف في المغني، واختاره المجد في شرح الهداية، وصححة ابن تميم، قال في مجمع البحرين: لا يؤثر غمسهم في أصح الوجهين.
واستدلوا:
أولًا: أن المنع من الغمس إنما ثبت من الخطاب: يعنى: قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم ... ) الحديث، ولا خطاب في حق هؤلاء.
وثانيًا: إن وجوب الغسل أمر تعبدي، ولا تعبد في حق هؤلاء.
وثالثًا: الغسل المزيل لحكم المنع من شرطه النية، والمجنون والصبي والكافر ليسوا من أهلها.
ولكن هذا القول من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله عجيب! كيف إذا غمس الصبي الذي لا يحسن الطهارة، والكافر الذي لا يستنزه من البول، والمجنون الذي لا يعقل إذا غمسوا أيديهم في الماء لا يتأثر الماء، وتصح الطهارة منه، وإذا غمس المسلم العاقل البالغ الذي يحسن الطهارة أصبح الماء غير صالح للطهارة منه.=

<<  <  ج: ص:  >  >>