للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم. ورواه مسلم (١).

فالواجب هو اللازم شرعًا، وقد حاول الجمهور تأويل الحديث؛ فقالوا: إن كلمة واجب المقصود بها التوكيد، كما تقول: إكرامك علي واجب، والذي حملهم على هذا التأويل المخالف لظاهر الحديث:

إما لأنهم فهموا من كلمة واجب، أن الغسل شرط في صحة الصلاة، فقالوا: الإجماع منعقد على صحة الصلاة، ولو لم يغتسل للجمعة، فحملهم هذا على تأويل الحديث عن ظاهره، والحق أن الحديث نص في وجوب الغسل، وليس نصًّا على شرطية الغسل، فلا يصح الاعتراض (٢).

أو لأنهم حاولوا الجمع بين الأحاديث التي توجب الغسل وبين أحاديث تعارضها، ولكن ليست صحيحة، مثل حديث: (من اغتسل يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل).

قالوا: فقوله: (الغسل أفضل) فإنه يقتضي اشتراك الوضوء والغسل في أصل


(١) صحيح البخاري (٨٧٩)، ومسلم (٨٤٦).
(٢) قال الشافعي في الرسالة (ص: ٣٠٣): «قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في غسل يوم الجمعة واجب، يحتمل معنيين: الظاهر منهما أنه واجب، فلا تجزئ الطهارة لصلاة الجمعة إلا بالغسل، كما لا يجزئ في طهارة الجنب غير الغسل.
ويحتمل واجب في الاختيار والأخلاق والنظافة، ثم استدل للاحتمال الثاني بقصة عثمان مع عمر التي تقدمت، قال: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل دل ذلك على أنهما عقد علما، أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغسل على الاختيار». اهـ
قال ابن حجر في الفتح تحت رقم (٨٧٩) بعد أن نقل نص الشافعي المتقدم: «وقد نقل الخطابي وغيره الإجماع على أن صلاة الجمعة بدون الغسل مجزئة لكن حكى الطبري من قوم أنهم قالوا بوجوبه، ولم يقولوا: إنه شرط، بل واجب مستقل تصح الصلاة بدونه، كأن أصله قصد التنظيف وإزالة الروائح الكريهة التي يتأذى بها الحاضرون من الملائكة والناس». إلخ كلامه رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>