للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وابن القيم رحمهما الله. قالا: هذه العلة نظير تعليل الشارع الاستنشاق بمبيت الشيطان على الخيشوم في قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنشق بمنخريه من الماء، فإن الشيطان يبيت على خيشومه) متفق عليه، وسبق تخريجه في المسألة التي قبل هذه. فأمر بالغسل معللًا بمبيت الشيطان على خيشومه، فعلم أن ذلك سبب الغسل، والحديث معروف. وقوله: (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) يمكن أن يراد به ذلك، فتكون هذه العلة من العلل المؤثرة التي شهد لها النص بالاعتبار، وأما ملابسته ليده خاصة؛ فلأنها أعم الجوارح كسبًا وتصرفًا ومباشرة لما يأمر به الشيطان من المعصية، فصاحبها كثير التصرف والعمل بها، ولهذا سميت جارحة؛ لأنه يجترح بها: أي يكسب، والله أعلم (١).

• ونوقش هذا:

بأن التعليل من أجل مبيت الشيطان على يده لا يصح؛ لأنه لا ذكر للشيطان في الحديث، وقوله: (باتت يده) الفعل أسند إلى اليد، ولم يسند إلى الشيطان، ولا يتأتى القياس على الخيشوم لكون مثل هذا يحتاج إلى توقيف، والخيشوم طريق إلى قلب الآدمي وجوفه بخلاف اليد، فإنها عضو خارجي كسائر الأعضاء، وعلى التنزل فإن الاستنشاق للقيام من النوم ليس بواجب، فإذا كان الأصل ليس واجبًا فإن الفرع أضعف من الأصل، والله أعلم.

* * *


(١) تهذيب السنن (١/ ٦٩، ٧٠)، ومجموع الفتاوى (٢١/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>