من باب أولى، وإنما يمنع الصائم من تعمد الجماع نهارًا، وهو شبيه بمن يمنع من التطيب، وهو محرم، لكن لو تطيب، وهو حلال، ثم أحرم فبقي عليه لونه أو ريحه لم يحرم ذلك عليه.
الوجه الرابع: إن أبا هريرة قد رجع عن قوله حين بلغه حديث عائشة وأم سلمة، فهذا يدل على أن أبا هريرة رضي الله عنه قد رجح حديث عائشة وأم سلمة على ما سمعه من الفضل بن عباس،
(٨١١ - ١٣١) فقد روى مسلم من طريق ابن جريج، أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي بكر، قال:
سمعت أبا هريرة يقص، يقول في قصصه: من أدركه الفجر جنبًا فلا يصم، فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث (لأبيه) فأنكر ذلك، فانطلق عبد الرحمن وانطلقت معه حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة، فسألهما عبد الرحمن عن ذلك، قال: فكلتاهما قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا من غير حلم، ثم يصوم، قال: فانطلقنا حتى دخلنا على مروان، فذكر ذلك له عبد الرحمن، فقال مروان: عزمت عليك إلا ما ذهبت إلى أبي هريرة، فرددت عليه ما يقول، قال: فجئنا أبا هريرة، وأبو بكر حاضر ذلك كله، قال: فذكر له عبد الرحمن، فقال أبو هريرة: أهما قالتاه لك؟ قال: نعم، قال: هما أعلم، ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن عباس، فقال
أبو هريرة: سمعت ذلك من الفضل، ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك (١).
ورواه أحمد من طريق شعبة، عن الحكم عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه به، وفيه:
قال أبو هريرة: عائشة إذن أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم.