وعبارة الفتاوى الهندية أن الوضوء حسن، قالوا (١/ ١٦): «ولا بأس للجنب أن ينام ويعاود أهله قبل أن يتوضأ، وإن توضأ فحسن». فهذه العبارة لا يؤخذ منها سنية الوضوء للجنب، كما لا يؤخذ منها استحباب الوضوء له، وإنما يدل على أن الوضوء من الفضائل فحسب. وانظر بدائع الصنائع (١/ ٣٨). بينما الزيلعي في تبيين الحقائق (١/ ٣) اعتبر الوضوء للجنب عند إرادة النوم سنة. وفي شرح معاني الآثار للطحاوي (١/ ١٢٥) بعد أن ساق حديث أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينام وهو جنب، ولا يمس ماء. قال الطحاوي: فذهب قوم إلى هذا، وممن ذهب إليه أبو يوسف، فقالوا: لا نرى بأسًا أن ينام الجنب من غير أن يتوضأ؛ لأن التوضئ لا يخرجه من حال الجنابة إلى حال الطهارة، وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ينبغي له أن يتوضأ للصلاة قبل أن ينام». فهذا ظاهره أن أبا يوسف لا يرى الوضوء للنوم من الجنب؛ لأنه جعل قول أبي يوسف في مقابلة قول من قال: ينبغي له أن يتوضأ، حيث قال الطحاوي: وخالف أبا يوسف آخرون، فقالوا: ينبغي له أن يتوضأ، فمعنى ذلك أن قول أبي يوسف: أنه لا ينبغي للجنب أن يتوضأ، وهذا قول آخر في مذهب الحنفية. وقد فهم هذا الفهم أيضًا صاحب التاج والإكليل (١/ ١٤٥) من المالكية، فقال: «ونقل الطحاوي أن أبا يوسف ذهب إلى عدم الاستحباب، وتمسك بما رواه أبو إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، أنه صلى الله عليه وسلم كان يجنب، ثم ينام، ولا يمس ماء».