للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رحمه الله (١).

وقيل: يندب للجنب أن يتوضأ قبل أن ينام، هو مذهب المالكية (٢)،


(١) قال ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٤٤): «وأولى الأمور عندي في هذا الباب، أن يكون الوضوء للجنب عند النوم كوضوء الصلاة حسنًا مستحبًا، فإن تركه فلا حرج؛ لأنه لا يرفع به حدثه، وإنما جعلته مستحبًا، ولم أجعله سنة لتعارض الآثار فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، واختلاف ألفاظ نقلته، ولا يثبت ما كانت هذه حاله سنة».
(٢) في مذهب المالكية وقفت على ثلاثة أقوال: القول بأنه مندوب، وآخر بأنه مرغب فيه، أي من الفضائل، وثالث: بأنه واجب، ففي الشرح الصغير (١/ ١٧٦) اقتصر على القول بالندب فقط، وهو ما اختاره خليل في مختصره رحمه الله تعالى (ص: ١٧)، وتابعه عليه شراح المختصر، كما في حاشية الدسوقي (١/ ١٣٨)، وتأتي عبارته بعد قليل إن شاء الله تعالى. ...
وجاء في شرح الزرقاني (١/ ١٤٣): «ذهب الجمهور إلى أنها للاستحباب -يعني وضوء الجنب للنوم- وهو قول مالك والشافعي وأحمد، وذهب أهل الظاهر إلى وجوبه، وهو شذوذ».
وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (٢/ ١٤٢): ظاهر مذهب مالك أنه ليس بواجب، وإنما هو مرغب فيه».
وهذا يجعل الوضوء أقل من المندوب؛ لأن المستحب والمرغب فيه عند فقهاء المالكية يلحق بالفضائل، وليس بالسنن.
وهناك قول بالوجوب عند المالكية، ونسب إلى مالك، ولكن أكثر أصحابه على عدم ثبوت هذا القول عن مالك، قال ابن العربي في العارضة كما في شرح الزرقاني (١/ ١٤٢): «قال مالك والشافعي: لا يجوز للجنب أن ينام قبل أن يتوضأ، وأُنْكِر عليه؛ لأنهما لم يقولا بوجوبه، ولا يعرف عنهما».
وقد قال الدسوقي في حاشيته (١/ ١٣٨): «لا خلاف في أن الجنب مأمور بالوضوء قبل النوم، وهل الأمر بذلك واجب أو ندب؟ في المذهب قولان».
وعبارة المدونة (١/ ٣٠): «قال مالك: لا ينام الجنب حتى يتوضأ، ولا بأس أن يعاود أهله قبل أن يتوضأ، قال: ولا بأس أن يأكل قبل أن يتوضأ، قال: وأما الحائض فلا بأس أن تنام قبل أن تتوضأ، وليس الحائض في هذا بمنزلة الجنب. اهـ
فنهى مالك الجنب أن ينام حتى يتوضأ، وجَوَّز أكل الجنب ومعاودته الوطء بدون وضوء، كما جوز النوم للحائض بدون وضوء، وقوله: ليس الحائض بمنزلة الجنب، فظاهر هذا الكلام أن مالك يرى وجوب الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام، فقول ابن العربي ليس بمستنكر، خاصة أن الدسوقي في حاشيته ذكر أن في المذهب المالكي قولين: الوجوب والندب، وممن قال بالوجوب من المالكية ابن حبيب، فيستغرب كيف يقول ابن عبد البر: إن القول بالوجوب شاذ، فيكفي أنه قد قال به اثنان من المالكية: ابن حبيب وابن العربي، وهو ظاهر عبارة الإمام في المدونة، أضف إلى ذلك، أن القول بالوجوب هو ظاهر السنة، حيث علق جواز النوم بشرط الوضوء، فجاء في الحديث: «أينام الجنب؟ قال: نعم إذا توضأ وسيأتي تخريجه في ذكر الأدلة إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>