أبي إسحاق خطأ ووهم، ذهب إلى ذلك إمام أهل السنة أحمد رحمه الله، وشعبة، ومسلم، والثوري وأبو داود، والترمذي، ويزيد بن هارون، وأبو حاتم الرازي وغيرهم، فهؤلاء هم أدرى الناس بعلل بالحديث، ومن خالفهم في هذا الشأن فقد تكلف، وتكلم بما لا يعرف. قال أبو داود في السنن (٢٢٨) حدثنا الحسن بن علي الواسطي، قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم، يعني حديث أبي إسحاق. وجاء في كتاب العلل لابن أبي حاتم (١/ ٤٩): «قال شعبة: قد سمعت حديث أبي إسحاق، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام جنبًا، ولكني أتقيه». وقال الترمذي: قد روى عن أبي إسحاق هذا الحديث: شعبة، والثوري، وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق. اهـ كلام الترمذي. وقال ابن رجب في الفتح (١/ ٣٦٢): «وهذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث من السلف على إنكاره على أبي إسحاق، منهم: إسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومسلم بن حجاج، وأبو بكر الأثرم، والجوزاني، والترمذي، والدارقطني .... وقال أحمد بن صالح المصري الحافظ: لا يحل أن يروي هذا الحديث، يعني: أنه خطأ مقطوع به، فلا تحل روايته من دون بيان علته. وأما الفقهاء المتأخرون، فكثير منهم نظر إلى ثقة رجاله، فظن صحته، وهؤلاء يظنون أن كل حديث رواه ثقة فهو صحيح، ولا يتفطنون لدقائق علم علل الحديث، ووافقهم طائفة من المحدثين المتأخرين كالطحاوي والحاكم والبيهقي .... ». إلخ كلام الحافظ ابن رجب. وقال الحافظ في تلخيص الحبير (١٨٧): « .... وفي علل الأثرم: لو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيم النخعي وحده لكفى، فكيف وقد وافقه عبد الرحمن بن الأسود، وكذلك روى عروة وأبو سلمة عن عائشة. وقال ابن مفوز: أجمع المحدثون على أنه خطأ من أبي إسحاق. وتعقبه الحافظ، فقال: كذا قال، وتساهل في نقل الإجماع، فقد صححه البيهقي، وقال: إن أبا إسحاق قد بين سماعه من الأسود في رواية زهير عنه، ثم قال: وقال الدارقطني في العلل: يشبه أن يكون الخبران صحيحين، قاله بعض أهل العلم. ثم ساق الحافظ ابن حجر طريقة بعض العلماء في الجمع بين لفظ أبي إسحاق وبين لفظ إبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن الأسود على تقدير صحة لفظ أبي إسحاق بأن المقصود (لا يمس ماء) المقوصد به ماء الغسل، وليس ماء الوضوء، أو أنه كان يفعل الأمرين لبيان الجواز. ونقل ابن رجب عن بعض العلماء في الجمع طريقة ثالثة بأنه إن أجنب أول الليل توضأ ونام، وإن أجنب آخر الليل نام نومة خفيفة للاستراحة، ثم قام فاغتسل لصلاة الفجر، وقد روى =