فذكر الشرب إذا استبعدنا رواية عبدان باعتباره أن الإسناد إليه لا يثبت، فهل اتفاق سويد ابن نصر، وعلي بن إسحاق على ذكر زيادة الشرب هل يجعل ذلك محفوظًا، باعتبار أن سويد هو رواية ابن المبارك، وعلي بن إسحاق مروزي من بلد ابن المبارك، أو يقال أكثر الرواة عن ابن المبارك على ذكر الأكل، والمعنى يقتضيه فإن الآكل يحتاج إلى نظافة يده أكثر من الشرب، فإن اليد لا تباشر الشراب كما تباشره في الأكل. أو يقال: إن هذا الاختلاف من قبل يونس بن يزيد، وليس من قبل الرواة عنه، فإذا أضيف هذا الاختلاف إلى الاختلاف عليه في إسناد الحديث، ومخالفته بذكر لرواية سفيان والليث وابن جريج وابن أخي الزهري في ذكر زيادة غسل اليد للجنب يكون مرجحًا على أن الوهم من قبل يونس بن يزيد، وليس من قبل الرواة عنه، أترك هذا للقارئ الكريم. هذا ما يخص الاختلاف على ابن المبارك عن يونس. وقد توبع ابن المبارك، تابعه على ذكر الأكل جماعة: الأول: محمد بن بكر البرساني، رواه أحمد (٦/ ١١٩) عنه قال: أخبرنا يونس، قال: حدثني ابن شهاب، عمن حدثه عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام، وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة، فإذا أراد أن يأكل غسل يديه، ثم أكل، واقتصر على ذكر الأكل. وقد أبهم يونس هنا شيخ الزهري، وقد صرح به في رواية ابن المبارك أنه أبو سلمة. الثاني: عامرُ بنُ صالح، رواه أحمد (٦/ ٢٧٩) عنه، عن يونس بن يزيد به، بلفظ ابن المبارك، بذكر الأكل والشرب، إلا أن عامر بن صالح متروك الحديث، قال فيه النسائي: ليس بثقة. الضعفاء والمتروكين (٤٣٧). وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب. المجروحين (٢/ ١٨٨). وقال يحيى بن معين: كان كذابًا. المرجع السابق. وقال يحيى بن معين: جُنَّ أحمد بن حنبل، يحدث عن عامر بن صالح. الكامل (٥/ ٨٣). ولا يبعد أن يكون عامر بن صالح قد سرق إسناد حديث ابن المبارك، فإنه معروف بالسرقة، قال ابن عدي: عامة أحاديثه مسروقة من الثقات ... الكامل (٥/ ٨٣). الثالث: حسان بن إبراهيم، عن يونس، كما في التمهيد لابن عبد البر (١٧/ ٣٧، ٣٨) إلا أنه قرنه برواية عبد الله بن المبارك، وقال ابن عبد البر: «واللفظ لحديث ابن المبارك، وحديث حسان بن إبراهيم مثله بمعناه»، ولم أقف على لفظ حسان بغير هذا، فإن كان ذكر الأكل مذكورًا فحسان رجل صدوق، فمتابعته معتبرة. =