للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: الوضوء شرط في صحة الغسل، وهو رأي داود الظاهري رحمه الله تعالى (١)، وأبي ثور (٢)، وراوية عن أحمد (٣).

وقيل: إن كان أجنب، وهو محدث لزمه الوضوء، وإن كان حين أجنب طاهرًا لم يلزمه، ذكره بعض الحنفية (٤)، وذهب إليه بعض الشافعية (٥)، وبعض الحنابلة (٦). هذه مجمل الأقوال في المسألة.

• وسبب اختلافهم في حكم الوضوء:

اختلافهم في آية المائدة في قوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) [المائدة: ٦]، هل هي من قبيل المجمل، أو من قبيل المبين، فالإمام داود يرى أن قوله سبحانه وتعالى: (فَاطَّهَّرُوا) أمر مجمل، وبيانه يؤخذ من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول قد حافظ على الوضوء في غسله، فتكون هذه الصفة بيانًا للأمر الرباني في قوله تعالى:


(١) انظر المجموع (٢/ ٢١٥)، وكتاب الإمام داود الظاهري وأثره في الفقه الإسلامي (ص: ٤٩٦)
(٢) المجموع (٢/ ٢١٥).
(٣) الفروع (١/ ٢٠٥).
(٤) المبسوط (١/ ٤٤).
(٥) قال الشيرازي في المهذب (١/ ٣٢): «فإن أحدث وأجنب ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يجب الغسل، ويدخل فيه الوضوء، وهو المنصوص في الأم؛ لأنهما طهارتان فتداخلتا، كغسل الجنابة وغسل الحيض.
والثاني: أنه يجب عليه الوضوء والغسل؛ لأنهما حقان مختلفان، يجبان بسببين مختلفين، فلم يدخل أحدهما في الآخر، كحد الزنا والسرقة.
والثالث: أنه يجب أن يتوضأ مرتبًا، ويغسل سائر البدن؛ لأنهما متفقان في الغسل، ومختلفان في الترتيب، فما اتفقا فيه تداخلا، وما اختلفا فيه لم يتداخلا، قال الشيخ الإمام رحمه الله وأحسن توفيقه: سمعت شيخنا أبا حاتم القزويني يحكي فيه وجهًا رابعًا: أنه يقتصر على الغسل إلا أنه يحتاج أن ينويهما، ووجهه: لأنهما عبادتان متجانستان صغرى وكبرى، فدخلت الصغرى في الكبرى في الأفعال دون النية، كالحج والعمرة». اهـ
(٦) قال في الإنصاف (١/ ٢٥٩): «ذكر الدينوري وجهًا: أنه إن أحدث، ثم أجنب، فلا تداخل ... إلخ كلامه رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>