للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليهما جميعًا.

والمالكية يقسمون الخوف من العطش تقسيمًا جيدًا، فيذكرون أن خوف العطش: تارة يخاف منه، ولم يتلبس به، وتارة يكون متلبسًا به،

فإن خاف العطش سواء كان الخوف متيقنًا أو غلب على ظنه العطش، وخاف هلاكًا، أو أذى شديدًا، فإنه يجب عليه التيمم، ويحبس الماء لدفع العطش.

وإن غلب على ظنه أنه يلحقه أذى، وإن لم يكن شديدًا، فإنه يجوز له التيمم، ولا يجب عليه.

وإن شك في ذلك فلا يتيمم، ومن باب أولى إن توهم ذلك.

وإن كان متلبسًا بالعطش بالفعل، وخاف الضرر عليه فإنه يتيمم مطلقًا، تحقق الضرر أو ظنه أو شك فيه أو توهمه؛ لأن التلبس بالعطش مظنة الضرر (١).

ويلحق بالخوف على نفسه من العطش، الخوف على نفسه من اللصوص، أو السباع إذا خرج إلى الماء، كما أنه لا فرق بين الخوف على نفسه، أو الخوف على غيره من رفيق ودابة ونحوهما.

قيل للإمام أحمد كما في مسائل ابن هانئ: «الرجل معه إداوة من ماء لوضوئه، فيرى قومًا عطاشًا، أحب إليك أن يسقيهم، ويتيمم، أو يتوضأ؟

قال: يسقيهم، ثم ذكر عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم تيمموا، وحبسوا الماء لسقياهم» (٢).

ونقل هذا ابن قدامة في المغني، وعارضه بقول أبي بكر والقاضي حيث قالا: لا يلزمه بذله؛ لأنه محتاج إليه.

فتعقبه ابن قدامة بقوله: «إن حرمة الآدمي تقدم على الصلاة، بدليل ما لو رأى


(١) انظر حاشية العدوي على شرح الكافية (١/ ٢٢٣).
(٢) مسائل ابن هانئ (٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>