للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قريبًا لزمه انتظار السترة، وإن فات الوقت (١).

[م-٤١٥] وإذا أخر الصلاة عن وقتها للاشتغال بشرطها الذي يحصله قريبًا، كرجل وقف على بئر، وهو محدث، فإن اشتغل باستخراج الماء من البئر خرج الوقت، وإن تيمم صلى في الوقت، فأيهما أولى بالمراعاة؟

وقع نزاع بين أهل العلم،

فقيل: يقدم الوقت على الشرط، فيصلي بالتيمم لإدراك الوقت.

اختاره زفر من الحنفية، وهو المشهور في مذهب مالك، نص عليه في المدونة، وأحد القولين في مذهب الشافعية، واستظهره النووي (٢).


(١) البيان للعمراني (٢/ ١٣٢).
(٢) البحر الرائق (١/ ١٤٧)، بدائع الصنائع (١/ ٥٥)، الفتاوى الهندية (١/ ٢٨، ٥٩)، واقتصر عليه صاحب الشرح الصغير (١/ ١٨٢).
جاء في المدونة (١/ ٤٤): «سألنا مالكًا عن المسافر يأتي البئر في آخر الوقت، فهو يخاف إن نزل ينزع بالرشا، ويتوضأ، يذهب وقت تلك الصلاة؟ قال: فليتيمم، وليصل. فقلت لابن القاسم: أفيعيد الصلاة بعد ذلك إذا توضأ في قول مالك؟ قال: لا. قلت: فإن كان هذا الرجل في حضر، أتراه في قول مالك بهذه المنزلة في التيمم؟ قال: نعم. قال ابن القاسم: وقد كان مرة من قوله في الحضري أنه يعيد إذا توضأ». اهـ فهنا حسب نص المدونة أنه يتيمم، وفي الإعادة قولان: أنه لا يعيد مطلقًا، وقول آخر: بأن الحضري يعيد دون المسافر.
والذي تجمع لي أن في مذهب المالكية أقوالًا كثيرة، وقد ذكرها صاحب النوادر والزيادات (١/ ١١٠) وذكرها غيره، منها:
الأول: أنه يتيمم، ولا يعيد، وهذا نص المدونة كما سبق، واقتصر عليه صاحب الشرح الصغير، وقال الصاوي: المعول عليه، فلذا اقتصر عليه المصنف.
الثاني: أنه يتيمم، ويعيد مطلقًا.
الثالث: أنه يتيمم، ويعيد إن كان في الحضر، ولا يعيد إن كان مسافرًا.
الرابع: أنه يتوضأ، ولو خرج الوقت، وهذا القول حكى عبد الحق عن بعض الشيوخ الاتفاق عليه ..
الخامس: التفريق بين أن يكون الماء في البئر يحتاج إلى نزح، فيتيمم، وبين أن يكون الماء بين يديه، لكن يخشى إن استعمله أن يخرج الوقت، فإنه يتوضأ، ولو خرج الوقت. ...
قال ابن شاس: يستعمله عند المغاربة؛ لأنه واجد.
وقال أبو محمد القاضي: أنه يتيمم، وحكاه الأبهري رواية.
قال عبد الحق في النكت: والفرق بين النزع من البئر والاستعمال، أن المستعمل واجد، والنازح فاقد، وإنما هو يتسبب ليجد.
قال ابن يونس: ولا فرق عندي بين تشاغله باستعماله أو باستخراجه من البئر، فإن المقصود الصلاة في الوقت، وكذلك قال ابن القصار والقاضي عبد الوهاب». انظر الذخيرة للقرافي (١/ ٣٣٧)، ومواهب الجليل (١/ ٣٢٩).
وانظر الخلاف في مذهب الشافعية في روضة الطالبين (١/ ٩٦)، المجموع (٢/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>