للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل: الكثرة والقلة في الماء أمر إضافي، لا تحد بقدر معين، وهذا مذهب المالكية (١).

وحد الحنفية الكثرة بما إذا حرك أحد طرفيه بالتناول منه لم يتحرك الآخر.

وقيل: أقل الكثرة قلتان، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.

[م-٤٠] اختلف العلماء في الماء إذا لاقته نجاسة فلم تغيره،

فقيل: إذا كان الماء قليلًا فإنه ينجس، ولو لم يتغير، وإذا كان كثيرًا فإنه لاينجس إلا بالتغير، وهذا مذهب الحنفية (٢)، والشافعية (٣)، وقول في مذهب الحنابلة (٤)، على خلاف بينهم في حد القليل والكثير (٥).


(١) قال مالك في لعاب الكلب: ولا بأس به في الكثير كالحوض. قلت: فالقليل في لعاب الكلب ما كان في الآنية. وقال مالك في الجنب يغتسل في مثل حياض الدواب، ولم يغسل ما به أفسده. ومعنى هذا أن قول مالك في لعاب الكلب: إنه لا يفسده، وقوله في اغتسال الجنب: إنه يفسده دليل على أن الكثرة والقلة عنده إضافية لا تحد بقدر معين. انظر القواعد لابن المقري (١/ ٢٢١).
(٢) شرح فتح القدير (١/ ٧٠)، تبيين الحقائق (١/ ٢١).
(٣) حاشية البجيرمي (١/ ٢٧)، الأم (١/ ١٨)، أسنى المطالب (١/ ١٤)، المجموع (١/ ١٦٢)، المهذب (١/ ٦).
(٤) الكافي (١/ ٨) كشاف القناع (١/ ٣٨)، المغني (١/ ٣١).
(٥) اختلف الحنفية والشافعية في مقدار الماء القليل والماء الكثير، مع اتفاقهم أن الماء القليل ينجس، ولو لم يتغير، بخلاف الماء الكثير:
فمذهب الحنفية في حد الماء القليل هو أن ينظر، فإن كانت النجاسة تخلص إلى الطرف الأخر لم يتوضأ منه، وإن كانت لا تخلص إلى طرفه الآخر توضأ من الطرف الآخر، وكيف نعرف أن النجاسة تخلص إلى الجانب الآخر، على أقوال عندهم، منها:
الأول: أن الرد إلى رأي المبتلى به، فإن غلب على ظنه وصول النجاسة إلى الجانب الآخر لم يتوضأ به، وإلا توضأ به، وهذا هو المشهور من مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وقد رجحه ابن نجيم في البحر الرائق (١/ ٧٨، ٧٩)، قال: وممن نص على أنه ظاهر المذهب شمس الأئمة السرخسي في المبسوط. وجاء في البناية في التحديد قال: «إن غلب على الظن وصول النجاسة إلى الجانب الآخر فهو نجس، وإن غلب عدم وصولها فهو طاهر»، وقال عنه: «هذا هو الأصح، وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة».
القول الثاني: قالوا: يعتبر الخلوص بالحركة، فإن كان إذا حرك أحد طرفيه، تحرك الطرف الآخر، تنجس ولو لم يتغير، وإن كان لا يتحرك الطرف الآخر فلا ينجس إلا بالتغير، واختلفوا في نوع الحركة:
فقيل: المعتبر حركة المغتسل، وهذا اختيار أبي يوسف، ومحمد في رواية؛ لأن الغالب في الحياض الاغتسال منها، وأما الوضوء فإنما يكون في البيوت.
وقيل: المعتبر حركة المتوضئ، وهو مروي عن أبي حنيفة.
وقيل: المعتبر حركة اليد من غير وضوء، ولا اغتسال.
القول الثالث: قدره بالمساحة، على اختلاف كثير بينهم، أشهرها عشرة أذرع في عشرة أذرع.
القول الرابع: قالوا: يوضع في الماء صبغ، فحيثما وصل الصبغ اعتبر وصول النجاسة.
ومنهم من اعتبر التكدر.
وأما مذهب الشافعية في حد القليل من الكثير، فجعلوا التقدير بالقلتين، فإذا بلغ الماء قلتين فهو كثير، لا ينجس إلا بالتغير، وإن كان دون القلتين نجس، ولو لم يتغير، وهو المشهور من مذهب المتأخرين من الحنابلة.
وتقدم أن المالكية يقدرون القليل بآنية الوضوء ونحوها.
انظر في مذهب الحنفية بدائع الصنائع (١/ ٧١)، شرح فتح القدير (١/ ٧٩)، البناية (١/ ٣٣٠ - ٣٣٤)، المبسوط (١/ ٨٧)، المبسوط للشيباني (١/ ٥٠)، البحر الرائق (١/ ٧٨).
وانظر في مذهب الشافعية الأم (١/ ١٨)، أسنى المطالب (١/ ١٤)، المهذب (١/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>