للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن حزم (١)، وابن تيمية (٢).

وسبب اختلاف العلماء في هذه المسألة اختلافهم في تفسير ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا من غسل المني رطبًا، وفركه يابسًا.

فأخذ الحنابلة والشافعية من الاكتفاء بفركه يابسًا دليلًا على طهارته، إذ لو كان نجسًا لوجب غسله خاصة أن المني سائل ثخين، ويتشرب جزء منه الثوب، ولو كان المني نجسًا لجاء الأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم بغسله، خاصة أن البلوى فيه شديدة في الأبدان والثياب والفرش وغيرها، فلما لم يأمرهم صلى الله عليه وسلم بغسل ما أصابهم، وكان الثابت عنه مجرد فعل، وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم المجردة لا تدل على الوجوب بل تدل على الاستحباب، علم أن المني طاهر.

وأخذ الحنفية من فركه يابسًا وغسله رطبًا دليلًا على نجاسته، فإن النجاسة قد تزول بالفرك كما تطهر النعلين بدلكهما في التراب، وذيل المرأة بمروره بتراب طاهر بعده، وهكذا.

ورجح المالكية أحاديث الغسل على أحاديث الفرك، ولم يروا أن النجاسة تزال بالفرك، بل لا بد من غسلها بالماء.

وقد ذكرت أدلة الأقوال في كتاب أحكام الخلاء، في حكم الاستنجاء من المني، ولله الحمد، وقد رجحت هنا القول بطهارة المني، ويكفي حجة لهذا القول أن الشارع لم يأت منه أمر بغسله، ولو كان نجسًا لجاء الأمر بغسله، والتوقي منه كما جاء الأمر بالاستتار من البول، وغسل دم الحيض، وغسل المذي، وغيرها من سائر النجاسات، ولا مع من قال بنجاسته إلا مجرد أن عائشة كانت تغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم،


(١) قال في المحلى (١/ ١٣٥) مسألة: ١٣١: المني طاهر في الماء كان أو في الجسد أو الثوب لا تجب إزالته، والبصاق مثله ولا فرق. اهـ
(٢) مجموع الفتاوى (٢١/ ٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>