للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله، ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه شفاء، وفي الآخر داء (١).

وجه الاستدلال:

قال ابن القيم: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمقله: وهو غمسه في الطعام، ومعلوم أنه يموت من ذلك، ولاسيما إذا كان الطعام حارًّا، فلو كان ينجسه لكان أمرًا بإفساد الطعام، وهو صلى الله عليه وسلم إنما أمر بإصلاحه، ثم عدي هذا الحكم إلى كل ما لا نفس له سائلة كالنملة والزنبور والعنكبوت وأشباه ذلك إذ الحكم يعم بعموم علته، وينتفي بانتفاء سببه، فلما كان سبب التنجس هو الدم المحتقن في الحيوان بموته، وكان ذلك مفقودًا في ما لا دم له سائل انتفى الحكم بالتنجس لانتفاء علته (٢).

القول الثاني:

أن ذاته طاهرة، ودمه نجس؛ لأن الدم الذي فيه ليس دمه وإنما هو منقول من غيره، كالقمل والبعوض ونحوهما، ويعفى عن قليله، وهذا مذهب المالكية، وقول في مذهب الشافعية، ورواية في مذهب الحنابلة، واختاره أبو يوسف من الحنفية، ورجحه ابن حزم (٣).

قال الصاوي في الشرح الصغير: «قوله: (ما لا دم له) هو معنى قول غيره: (لا نفس له سائلة): أي لا دم ذاتي له، بل إن وجد فيه دم يكون منقولًا، ويحكم بنجاسة


(١) صحيح البخاري (٥٧٨٢).
(٢) زاد المعاد (٣/ ٢١٠).
(٣) مواهب الجليل (١/ ٩٨)، منح الجليل (١/ ٧٠)، التاج والإكليل (١/ ١٣٩)، حاشية العدوي على شرح الخرشي (١/ ٨٢)، التوضيح لخليل (١/ ٢٤)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (١/ ٤١)، الذخيرة للقرافي (١/ ١٨٠)، المهذب (١/ ٦٠)، مغني المحتاج (١/ ١٩٣)، المجموع (٣/ ١٤٠)، أسنى المطالب (١/ ١٧٥)، الحاوي الكبير (٢/ ٢٤٢)، الكافي لابن قدامة (١/ ٨٨)، المحلى (١/ ١٥٢) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>